Tawil Zahiriyyat
تأويل الظاهريات: الحالة الراهنة للمنهج الظاهرياتي وتطبيقه في ظاهرة الدين
Genres
ثالثا: التكوين الجزئي للمنهج1
وتظل الظاهريات، في الدراسات الثانوية، أيضا نظرية عصية على التطبيق مع أنها تبين أثناء تكوينها وبعد تطبيقها في نقاط معينة المنطق والفلسفة والحضارة طابعها العملي، وتبين الظاهريات المكتملة أيضا أنها أصبحت منهجا وليس مجرد فلسفة، في الدراسات الثانوية لم تؤخذ هاتان الملاحظتان بعين الاعتبار؛ إذ يتردد عرض الظاهريات بين النظريات الرياضية والمنطقية والنفسية والفلسفية دون أن ينخرط الكل في منهج تطبيقي، فقد تحول المنهج إلى مذهب، والقاعدة إلى نظرية، والظاهريات إلى فلسفة.
2
ومع ذلك من الصعب في الظاهريات النظرية، وإن كان ضروريا، التمييز بين ميدان الأنا الخالص والتجربة المشتركة من ناحية، وقاعدتي المنهج، الرد والتكوين، من ناحية أخرى؛ فالمنهج الظاهرياتي في داخل الشعور الذي هو في عالم الآخرين «المحيط الإنساني» وعالم الأشياء، البيئة الطبيعية، ومن أجل صياغة منهج ظاهرياتي من الضروري أولا إيجاد بنية الشعور في العالم، والذي يمكن تصويره بثلاث دوائر متداخلة تشارك في مركز واحد، وتضم الأنا الخالص كدائرة صغرى، والمحيط الإنساني كدائرة وسطى إلى البيئة الطبيعية كدائرة كبرى، لا يكفي إذن تحليل الخبرة المشتركة دون وضعها في بدايتها الأولى في الأنا الخالص أي في الذاتية،
3
وبعد وصف بناء الشعور يصبح تأسيس المنهج ممكنا، ولا يكفي تحليل «الرد» دون «التكوين».
4
ولا يبرر التمييز بين مستويات عديدة في «الرد» نسيان «التكوين»، وهو الغاية النهائية من الرد ذاته.
وأحيانا تعرض الظاهريات دون أي منهج أو باستعمال منهج مناقض لها، يبغي العرض الأول الحياد ولكن ينتهي إلى التكرار بلا دلالة، والثاني يبغى الأصالة والتقدم العلمي ولكنه ينتهي إلى القضاء على جوهر الظاهريات، وأحيانا يكون عرض الظاهريات خليطا من النظرية والمنهج. «الأنا الخالص» نظرية في حين أن «الرد» منهج، وهناك خلط آخر أقل شيوعا بين الظاهريات في طريق التكوين والظاهريات المكتملة؛ فالتصورات الرياضية والمنطقية والنفسية تنتمي إلى الظاهريات في سبيل التكوين، في حين أن القصدية تنتمي إلى الظاهريات المكتملة، وهناك خلط ثالث بين النفي والإثبات الظاهرياتي؛ النفي موجه ضد الشك النفساني، والإثبات للمثالية الترنسندنتالية.
5
Unknown page