الخاشع المطيع ويقولون للرجل إذا افتقر بعد أن كان غنيا قد ركع بمعنى أنه تواضع لفقره بعد الرفعة بالغنى، وسميت كل قومة من الصلاة ركعة لمعنيين أحدهما أنها طاعة وتواضع وحد من حدود ذلك، والثانى لأنه إنما يكون فى كل قومة من الصلاة ركعة واحدة ولم يقولوا سجدة لأن فيها سجدتين، فظاهر الركوع فى الصلاة يراد به الطاعة والخشوع لله وذلك هو الذي يعتقد فيه وينوى به ويجوز أن يسمى الركوع سجودا إلا أن ذلك لم يستعمل. وقد جاء فى قول الله تعالى حكاية عن داود قوله:
@QUR03 «وخر راكعا وأناب» [1] وكان منه سجودا.
وجاء فى الخبر أنه بكى على الخطيئة وهو ساجد حتى بل الأرض بدموعه وأنبتت لذلك نباتا، وكذلك قد فرق الله بين الركوع والسجود بقوله اركعوا واسجدوا، فكان الركوع شيئا والسجود غيره، وذلك لا يكون إلا لله كما قال سبحانه:@QUR08 «ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها» [2] وقال:@QUR013 «لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون» [3] فالركوع والسجود لا يكونان إلا لله ولا يراد بهما غيره، ومعناهما الذي هو الطاعة على ما ذكرنا يكون لله ولمن أمر بطاعته بقوله:
@QUR07 «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم» [4] فكان لذلك كما ذكرنا فى التأويل مثل الركوع الذي هو دون السجود فى التواضع والتذلل مثل طاعة الحجج، ومثل السجود الذي هو أبلغ فى التواضع والتذلل مثل طاعة الأئمة وليس ذلك على أنه يراد أحد منهم أو يعنى بالركوع والسجود فى ظاهر الصلاة ولكنه إنما يراد ويعنى بذلك مثل معناهما الذي هو الطاعة فى باطنها الذي هو دعوة الحق. وقول الراكع فى الركوع سبحان ربى العظيم ثلاث مرات، فسبحان فى اللغة فيما ذكره أهلها اسم والتسبيح المصدر وتأويلها فى المعنى عندهم البراءة والتنزيه، فإذا قال القائل سبحان الله فإنما هو عندهم فى مذهب الكلام براءة الله وتنزيهه من قول أهل الباطل فيه عز وجل، فكان قول الراكع فى ركوعه سبحان ربى العظيم وبحمده ثلاث مرات تنزيها لله أن يقاس أو يمثل أو يشبه بشيء من خلقه، وإن ذلك الركوع والسجود وإن كانا فى التأويل مثلهما مثل طاعة صاحبى الزمان التى قرنها الله بطاعته فإن الله يبرأ وينزه ويجل ويعظم عن أن يكون له فى ذلك شبه أو شريك أو مثل فإنه إنما افترض طاعته
Page 277