217

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل المسجد فنظر إلى أنس بن مالك يصلى وينظر إلى نواحى المسجد فقال له يا أنس صل صلاة مودع ترى أنك لا تصلى بعدها صلاة أبدا اضرب ببصرك موضع سجودك لا تعرف من عن يمينك ولا من عن شمالك واعلم أنك بين يدى من يراك ولا تراه.

وعن جعفر بن محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال فى قول الله تعالى:@QUR05 «الذين هم في صلاتهم خاشعون» قال الخشوع غض البصر فى الصلاة وقال من التفت بالكلية فى صلاته قطعها ففعل هذا فى ظاهر الصلاة هو الواجب الذي يرمز به المصلى، تأويله أن السجود مثله مثل طاعة الإمام فتأويل إقبال المصلى على موضع سجوده ببصره إقباله على طاعة إمام زمانه وتأويل رفع المصلى ببصره إلى السماء والتفاته عن يمينه وشماله مثله مثل الإعراض عن إمام زمانه ومثل الإمام فى التأويل مثل القبلة، وتلفت المصلى عنها كإعراضه عن إمام زمانه فإن هو ولى وجهه عنها حتى يزول عن استقبالها بطلت صلاته لأن الصلاة فى الظاهر لا تجوز إلا دعوة الحق عن من بعد ونذكر تأويله إن شاء الله تعالى، فإذا أعرض من صار إلى دعوة الحق عن إمام زمانه وأقبل على غيره ونبذه وراء ظهره فقد خرج من ولايته ودعوته، فافهموا أيها المؤمنون تأويل ما تعبدتم بإقامته فى ظاهر أمر دينكم لتقيموا باطنه كما افترض عليكم وكل ما سمعتم من ذلك وتسمعون فقد تضمنه العهد المأخوذ عليكم والميثاق الذي واثقكم به إمام زمانكم، ولذلك كان كما قد قيل لكم فى غير مجلس إن فيه جماع أمر دينكم، جعلكم الله من الذين يوفون بعهده ولا ينقضون ميثاقه، ووفقكم إلى ما يوجب لكم رحمته ورضوانه، وصلى الله على محمد نبيه وعلى الأئمة من ذريته وسلم تسليما، حسبنا الله ونعم الوكيل.

المجلس الثانى من الجزء الخامس: [فى صفات الصلاة]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ذى الجلال والإكرام، والأسماء العظام والنعم السوابغ التوام والعز الذي لا يرام، وصلى الله على خير الأنام محمد نبيه وآله عليهم السلام، ثم إن الذي يتلو ما قد تقدم من تأويل كتاب الدعائم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: بنيت الصلاة على أربعة أسهم سهم منها إسباغ الوضوء وسهم منها الركوع وسهم منها السجود وسهم منها الخشوع، فقيل يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم):

Page 263