204

الباطن مثل المسجد الحرام أو حجته الذي مثله مثل مسجد الرسول أو باب الحجة الذي هو باب الأبواب ومثله مثل مسجد بيت المقدس أو أحد النقباء الذين أمثالهم أمثال جوامع الأمصار، أو أحد الدعاة الذين أمثالهم أمثال مساجد القبائل كان الفضل فى ذلك له كفضل من يدعوه من أهل هذه الطبقات على مراتبهم أولا فأولا فإن حال بينه وبين ذلك كله عذر يمنعه منه فإن الله تعالى يقبل من عباده العذر ويجعل لمن اتقاه منهم يسرا بعد العسر فينبغى له أن ينوى الدخول فى دعوة الحق متى وجد له سبيلا وألا يؤخر ذلك إذا وجد السبيل إليه فيكون كمن وصل إليها ما دام على ذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. ولقوله عز وجل:@QUR016 «ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله» [1] ولما جاء فيما تقدم ذكره أن الجالس فى المسجد ينتظر الصلاة فى صلاة وقد ذكرنا تأويله وأنه فى الباطن المنتظر لدعوة الحق إذا لم يجد إليها سبيلا حتى يجدها، وذكرنا الصلاة فى السوق فى جماعة وأن مثلها فى التأويل مثل حضور مجلس من أذن له فى المفاتحة من المؤمنين، وذكرنا أن مثل الاجتماع إلى الصلاة فى الظاهر مثل الاجتماع إلى سماع الحكمة من الدعاة ومن أقاموه لسماع ذلك فى الباطن، وصلاة الرجل فى بيته بأهله وولده مثلها مثل دعوة من أطلق له أن يدعو ويسمع الحكمة قوما بأعيانهم فهم أهل بيته وولده فى الباطن، فإذا تخلف عن حضور مجلسه منهم من خلفه العذر قام بأمر من حضره منهم وإن خلفهم العذر كلهم عنه وهو ينوى أنهم لو حضروا أسمعهم وهو فى ذلك يتذكر ويتلو ويفكر فيما عنده من العلم والحكمة فهو على ما ذكرنا كمن يفعل ما نواه وذلك قوله المؤمن وحده جماعة.

ويتلو ذلك قول على صلى الله عليه وسلم: تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، رجل خرج من بيته فأسبغ الطهر ثم مشى إلى البيت من بيوت الله ليقضى فريضة من فرائض الله فهلك فيما بينه وبين ذلك ورجل قام فى جوف الليل بعد ما هدأت كل عين فأسبغ الطهر ثم قام إلى بيت من بيوت الله فهلك فيما بينه وبين ذلك، تأويله أن الظل فى لغة العرب ضد الضح والضح فى لغة العرب ضوء الشمس حيثما أضاءت بلا حائل بينه وبين الشمس، فالظل عندهم ما أظل من الشمس وهم يسمون الليل ظلا وقال بعض أهل اللغة فى قول الله:@QUR06 «ألم تر إلى ربك كيف مد

Page 250