قال ابن مسعود ﵁: "من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلي الله عليه وسلم التي عليها خاتمه، فليقرأ تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ ١ إلى قوله: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا﴾ " الآية.٢.
..................................................................................................
وقد قال صلي الله عليه وسلم: " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: "من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي" ٣.
وهذا الحديث قد صح من طرق، كما ذكره العماد ابن كثير وغيره من الحفاظ، وهو في "السنن" وغيرها، ورواه محمد بن نصر في "كتاب الاعتصام".
وقد وقع ما أخبر به النبي صلي الله عليه وسلم بعد القرون الثلاثة، فلهذا عم الجهل بالتوحيد الذي هو أصل دين الإسلام، فإن أصله أن لا يعبد إلا الله، وأن لا يعبد إلا بما شرع، وقد ترك هذا وصارت عبادة الأكثرين مشوبة بالشرك والبدع، لكن الله تعالى - وله الحمد - لم يخل الأرض من قائم له بحججه، وداع إليه على بصيرة؛ لكي لا تبطل حجج الله وبيناته التي أنزلها على أنبيائه ورسله، فله الحمد والشكر على ذلك.
قوله: "التي عليها خاتمه " شبه هذه الوصية بوصية كتبت فختمت، أي فلم تتغير ولم تتبدل، أراد أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يزل يدعو الأمة من حين بعثه الله تعالى إلى أن توفاه - صلوات الله وسلامه عليه - إلى ما تضمنته هذه الآيات المحكمات أمرا ونهيا، كما قال تعالى عن خليله ﵇: ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ. وَوَصَّى بِهَا
_________
١ سورة الأنعام آية: ١٥١.
٢ رواه الترمذي رقم (٣٠٧٢) في التفسير من سورة الأنعام، والطبراني في الأوسط رقم (١٢٠٨)، وقال الترمذي: وهذا حديث حسن غريب.
٣ قال الألباني في " الأحاديث الصحيحة" رقم (١٤٩٢): رواه ابن ماجه رقم (٣٩٩٢) وابن أبي عاصم. في "السنة" (٦٣)، واللالكائي في " شرح السنة" (١/٢٣/١) من طريقين عن عباد بن يوسف حدثني صفوان بن عمرو عن راشد بن سعد عن عوف بن مالك مرفوعا قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات معروفون غير عباد بن يوسف وهو الكندي الحمصي، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" ووثقه غيره، وروى عنه جمع. وللحديث شواهد اهـ.
1 / 8