مَعَ مَا كَانَ القَوْل بِلَا شَيْء يسْتَعْمل فِي نفى الْحَقِيقَة أَو تَصْغِير الثَّابِت فَثَبت أَن القَوْل بالشَّيْء إِنَّمَا هُوَ فِي إِثْبَات الذَّات وتعظيمه وَالله حقيق لذَلِك وَالْقَوْل بِلَا جسم لَا يُوجب وَاحِدًا مِنْهُمَا فَكَذَلِك القَوْل بالجسم لَيْسَ فِيهِ تثبيت وَاحِد مِمَّا يحمد وجوده أَو يعظم لذَلِك اخْتلفَا
وعَلى ذَلِك القَوْل بِلَا عَالم وَلَا قَادر اسْم ينفى العظمة والجلال فَمثله فِي الْعَالم والقادر إِيجَاب الْوَصْف بالعظمة والجلال وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
فَإِنَّهُ فِي الشَّاهِد لَا يفهم من قَول الرجل شَيْء مائية الذَّات وَلَا من قَوْله عَالم وقادر الصّفة وَإِنَّمَا يفهم من الأول الْوُجُود والهستية وَمن الثَّانِي أَنه مَوْصُوف لَا أَن فِيهِ بَيَان مائية الذَّات كَقَوْل الرجل جسم إِنَّه ذكر مائية أَنه ذُو أبعاد أَو ذُو جِهَات أَو مُحْتَمل للنهايات وقابل للأعراض وَكَذَا ذَا فِي الْإِنْسَان وَسَائِر الْأَعْيَان وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَبعد فَإِن القَوْل بِهَذَا كُله وَاجِب بِمَا ثَبت فِي السّمع التَّسْمِيَة بِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
قَالَ أَبُو مَنْصُور وَالْأَصْل فِي حرف التَّوْحِيد أَن ابتداءه تَشْبِيه وإنتهاءه تَوْحِيد دفعت إِلَى ذَلِك الضَّرُورَة إِذْ بالمدرك الْمَفْهُوم يسْتَدلّ على مَا قصرت الأفهام من إِدْرَاك مَا عَن الأوهام نَحْو مَا يدْرك ثَوَاب الْآخِرَة وعقابها بلذات الدُّنْيَا والأذيات الَّتِي فِيهَا وَكَذَا وصف الله تَعَالَى بالمدرك من خلقه للدلالة والعبارة فَقيل عَالم وقادر وَنَحْو ذَلِك إِذْ فِي الْإِمْسَاك عَن ذَلِك تَعْطِيل وَفِي تَحْقِيق الْمَعْنى الْمَوْجُود فِي خلقه تَشْبِيه فوصل بِهِ لَا كالعلماء وَنَحْوه ليجعل نفى التَّشْبِيه ضمن الْإِثْبَات فَهَذَا فِيمَا ألزمت ضَرُورَة الْعقل القَوْل بِهِ والسمع جَمِيعًا فَأَما مَا لَا سمع فِيهِ وَلَا فِي الْعقل إحتماله فالتسمية بِهِ جرْأَة عَظِيمَة وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
1 / 42