268

Tawdih

التوضيح في حل عوامض التنقيح

Investigator

زكريا عميرات

Publisher

دار الكتب العلمية

Publication Year

1416هـ - 1996م.

Publisher Location

بيروت

وأما العقل فلأنه يوجب كون الشيء مأمورا به ومنهيا عنه فيكون حسنا وقبيحا ولأنه يوجب البداء والجهل بالعواقب ولنا أن حل الأخوات في شريعة آدم عليه السلام وحل الجزء أي حواء له عليه السلام ولم ينكره أحد ثم نسخ في غير شريعته ولأن الأمر للوجوب لا للبقاء وإنما هو بالاستصحاب فلا يقع التعارض بين الدليلين بل الدليل الثاني بيان لمدة الحكم الأول التي لم تكن معلومة لنا وقولهم بأن البقاء بالاستصحاب مع أن الاستصحاب ليس بحجة عندهم مشكل لأنه يلزم أن لا يكون نص ما في زمن النبي عليه السلام حجة إلا في وقت نزوله فأما بعده فلا

والجواب عن هذا إما بالتزام الاحتجاج بمثل هذا الاستصحاب أي في كل صورة علم أنه لم يغير وإما بأن النص يدل على شرعية موجبة قطعا إلى زمان نزول الناسخ فبهذا يندفع التعارض المذكور اعلم أن فخر الإسلام رحمه الله تعالى أجاب عن قولهم أنه يوجب كون الشيء منهيا عنه ومأمورا به بقوله إلا أن الأمر للوجوب لا للبقاء إنما البقاء بالاستصحاب فلا يلزم كون الشيء مأمورا به ومنهيا عنه في حالة واحدة وفي هذا الجواب نظر وهو أنه لما كان البقاء بالاستصحاب

والاستصحاب ليس بحجة عند علمائنا فيلزم أن لا يكون نص ما في زمن حياة النبي عليه الصلاة والسلام حجة لا في حالة نزوله ولا يكون حجة بعدها وهذا قول باطل وإنما قيدناه بزمن النبي عليه الصلاة والسلام لأن بوفاته عليه الصلاة والسلام ارتفع احتمال النسخ وبقي الشرائع التي قبض النبي عليه السلام عليها حجة قطعية مؤبدة

وقد خطر ببالي عن هذا النظر جوابان أحدهما أن نلتزم أن مثل هذا الاستصحاب حجة أي كل استصحاب يكون فيه عدم التغيير معلوما فلما نزل على النبي عليه السلام حكم فثبوته بالنص وبقاؤه بالاستصحاب وقد علم أنه لم ينزل مغير إذ لو نزل لبين النبي عليه السلام فلما لم يبين علم أنه لم ينزل فمثل الاستصحاب يكون حجة

وثانيهما أنا لا نقول إن البقاء بالاستصحاب بل النص يدل على شرعية موجبة قطعا إلى زمان نزول الناسخ وبهذا يندفع التعارض المذكور وهو كون الشيء مأمورا به ومنهيا عنه في زمان واحد لأن النص الأول حكمه مؤقت إلى زمان نزول الناسخ فإذا نزل الناسخ فلم يبق موجب الأول وهذا عين ما ذكر في أول الفصل أنه لما كان الشارع عالما بأن الحكم الأول مؤقت إلخ فلا يحتاج لدفع التعارض المذكور إلى أن نقول إن البقاء بالاستصحاب وفي هذا حكمة بالغة وهو كالإحياء ثم الإماتة وأيضا يمكن حسن الشيء وقبحه في زمانين

وأما محله فاعلم أن الحكم إما أن لا يحتمل النسخ في نفسه كالأحكام العقلية مثل وحدانية الله وأمثالها وما يجري مجراها كالأمور الحسية والإخبارات عن الأمور الماضية أو الحاضرة أو المستقبلة نحو فسجد الملائكة

وإما أن يحتمل كالأحكام الشرعية ثم هذا إما إن لحقه تأبيد نصا كقوله تعالى وجاعل الذين اتبعوك الآية وقوله عليه السلام الجهاد ماض إلى يوم القيامة أو دلالة كالشرائع التي قبض عليها النبي عليه السلام فإنها مؤبدة بدلالة أنه خاتم النبيين أو توقيت عطف على قوله تأبيد في قوله أما إن لحقه تأبيد

Page 70