Tawḍīḥ al-maqāṣid wa-taṣḥīḥ al-qawāʿid fī sharḥ qaṣīdat al-Imām Ibn al-Qayyim
توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم
Editor
زهير الشاويش
Publisher
المكتب الإسلامي
Edition
الثالثة
Publication Year
١٤٠٦
Publisher Location
بيروت
Genres
Creeds and Sects
الْقِيَامَة ٣٦ فَأنْكر سُبْحَانَهُ على من زعم أَنه يتْرك سدى إِنْكَار من جعل فِي الْعقل استقباح ذَلِك واستهجانه وانه لَا يَلِيق أَن ينْسب ذَلِك الى أحكم الْحَاكِمين وَمثله قَوْله تَعَالَى ﴿أفحسبتم أَنما خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا وأنكم إِلَيْنَا لَا ترجعون فتعالى الله الْملك الْحق لَا إِلَه إِلَّا هُوَ رب الْعَرْش الْكَرِيم﴾ الْمُؤْمِنُونَ ١١٥ فنزه نَفسه سُبْحَانَهُ وباعدها عَن هَذَا الحسبان وَأَنه متعال عَنهُ فَلَا يَلِيق بِهِ لقبحه ومنافاته الْحِكْمَة وَهَذَا يدل على اثبات الْمعَاد بِالْعقلِ كَمَا يدل على اثباته بِالسَّمْعِ ثمَّ انه ﵀ بسط القَوْل ووسع الْعبارَة فِي أَزِيد من عشرَة كراريس وَفِي (منهاج السّنة النَّبَوِيَّة (لشيخ الاسلام قَالَ اجْمَعْ الْمُسلمُونَ على أَن الله تَعَالَى مَوْصُوف بالحكمة وَلَكِن تنازعوا فِي تَفْسِير ذَلِك فَقَالَت طَائِفَة الْحِكْمَة ترجع إِلَى علمه بِأَفْعَال الْعباد وإقاعها على الْوَجْه الَّذِي أَرَادَهُ وَلم يثبتوا إِلَّا الْعلم والارادة وَالْقُدْرَة وَقَالَ الْجُمْهُور من أهل السّنة وَغَيرهم بل هُوَ حَكِيم فِي خلقه وَأمره وَالْحكمَة لَيست مُطلق الْمَشِيئَة اذ لَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ كل مُرِيد حكيما وَمَعْلُوم أَن الارادة تَنْقَسِم الى محمودة ومذمومة بل تَتَضَمَّن تَتَضَمَّن مَا فِي خلقه وَأمره من العواقب المحمودة والغايات المحبوبة وَالْقَوْل باثبات هَذِه الْحِكْمَة لَيْسَ هُوَ قَول الْمُعْتَزلَة وَمن وافقهم من الشِّيعَة فَقَط بل هُوَ قَول جَمَاهِير طوائف الْمُسلمين من أهل التَّفْسِير وَالْفِقْه والْحَدِيث والتصوف وَالْكَلَام وَغَيرهم فأئمة الْفُقَهَاء متفقون على إِثْبَات الْحِكْمَة والمصالح فِي احكامه الشَّرْعِيَّة انما تنَازع فِي ذَلِك طَائِفَة من نفاة الْقدر وَغير نفاته وَكَذَلِكَ مَا فِي خلقه من الْمَنَافِع وَالْحكم والمصالح لِعِبَادِهِ مَعْلُوم واصحاب القَوْل الاول كجهم بن صَفْوَان وموافقيه كالاشعري وَمن وَافقه من الْفُقَهَاء من اصحاب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَغَيرهم يَقُولُونَ لَيْسَ فِي الْقُرْآن لَام فِي تَعْلِيل أَفعَال الله بل لَيْسَ فِيهِ الا لَام الْعَاقِبَة اما الْجُمْهُور فَيَقُولُونَ
1 / 67