362

Tawḍīḥ al-maqāṣid wa-taṣḥīḥ al-qawāʿid fī sharḥ qaṣīdat al-Imām Ibn al-Qayyim

توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم

Editor

زهير الشاويش

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition

الثالثة

Publication Year

١٤٠٦

Publisher Location

بيروت

اثْنَان مِنْهُم يتفقان على قَول وَاحِد فانهم يَقُولُونَ هُوَ وَاحِد بِالذَّاتِ ثَلَاثَة بالاقنوم والاقانيم تفسر تَارَة بالخواص وَتارَة بِالصِّفَاتِ وَتارَة بالاشخاص وَيَقُولُونَ إِن الاقانيم هِيَ أقنوم الاب وأقنوم الابْن وأقنوم روح الْقُدس وَكَلَام النَّصَارَى على غَايَة من الفهاهة والبلادة وهم أمة ضَالَّة تائهة حَتَّى قَالَ بعض الْفُضَلَاء لَو اجْتمع عشرَة من عُلَمَاء النَّصَارَى لَا فترقوا عَن أحد عشر مذهبا وَالْحَاصِل أَنهم لَا يَقُولُونَ خَالق الْخلق ثَلَاثَة بل وَاحِد بِالذَّاتِ وَالله اعْلَم وَالْمَقْصُود هُنَا أَنه لَيْسَ فِي الطوائف من يثبت للْعَالم صانعين متماثلين مَعَ أَن كثيرا من أهل الْكَلَام وَالنَّظَر والفلسفة تعبوا فِي بَيَان هَذَا الْمَطْلُوب وَتَقْرِيره وَمِنْهُم من اعْترف بِالْعَجزِ عَن تَقْرِير هَذَا بِالْعقلِ وَزعم أَنه يتلَقَّى من السّمع وَالْمَشْهُور عِنْد النظار إثْبَاته بِدَلِيل التمانع وَهُوَ دَلِيل صَحِيح فِي نَفسه وَهُوَ أَنه لَو كَانَ للْعَالم صانعان متكافئان فَعِنْدَ اخْتِلَافهمَا مثل أَن يُرِيد أَحدهمَا تَحْرِيك جسم وَيُرِيد الآخر تسكينه أَو يُرِيد (أَحدهمَا) إحياءه وَيُرِيد الاخر إماتته فاما أَن يحصل مرادهما اَوْ مُرَاد أَحدهمَا اَوْ لَا يحصل مُرَاد وَاحِد مِنْهُمَا والاول مُمْتَنع لانه يسْتَلْزم الْجمع بَين الضدين وَالثَّالِث مُمْتَنع لِأَنَّهُ يسْتَلْزم خلو الْجِسْم عَن الْحَرَكَة والسكون ويستلزم أَيْضا عجز كل مِنْهُمَا وَالْعَاجِز لَا يكون إِلَهًا ولان الْمَانِع من فعل أَحدهمَا هُوَ فعل الاخر فَلَو امْتنع مرادهما لزم كَون كل مِنْهُمَا مَانِعا للْآخر وَذَلِكَ يسْتَلْزم كَون كل مِنْهُمَا قَادِرًا غير قَادر لَان كَونه مَانِعا يَقْتَضِي الْقُدْرَة وَكَونه مَمْنُوعًا يَقْتَضِي الْعَجز وَذَلِكَ تنَاقض واذا حصل مُرَاد أَحدهمَا دون الاخر كَانَ هَذَا هُوَ الاله الْقَادِر وَالْآخر عَاجِزا لَا يصلح للالهية وَكثير من أهل النّظر يَزْعمُونَ أَن دَلِيل التمانع هُوَ معنى قَوْله تَعَالَى ﴿لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا﴾ الانبياء ٢٢ لاعتقادهم أَن

1 / 366