145

Tawdih Maqasid

توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم

Investigator

زهير الشاويش

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٠٦

Publisher Location

بيروت

Genres

Theology
هَؤُلَاءِ مثل فِرْعَوْن من كبار العارفين وأكبر من الرُّسُل بعد نَبينَا مُحَمَّد ﷺ وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى ﵈ فموسى قَاتل فِرْعَوْن الَّذِي يَدعِي الربوبية ويسلط الله تَعَالَى مسيح الْهدى الَّذِي قيل فِيهِ إِنَّه الله تَعَالَى وَهُوَ بَرِيء من ذَلِك على مسيح الظلالة الَّذِي قَالَ إِنَّه الله وَلِهَذَا كَانَ بعض النَّاس يعجب من كَون النَّبِي ﷺ قَالَ (إِنَّه أَعور (وَكَونه قَالَ (وَاعْلَمُوا أَن أحدا مِنْكُم لن يرى ربه حَتَّى يَمُوت (وَابْن الْخَطِيب أنكر أَن يكون النَّبِي ﷺ قَالَ هَذَا لِأَن ظُهُور دَلَائِل الْحُدُوث وَالنَّقْص على الدَّجَّال أبين من أَن يسْتَدلّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَعور فَلَمَّا رَأينَا حَقِيقَة قَول هَؤُلَاءِ الاتحادية وتدبرنا مَا وَقعت فِيهِ النَّصَارَى الحلولية ظهر سر دلَالَة النَّبِي ﷺ لامته بِهَذِهِ الْعَلامَة فانه بعث رَحْمَة للْعَالمين فاذا كَانَ كثير من الْخلق يجوز ظُهُور الرب فِي الْبشر اَوْ يَقُول إِنَّه هُوَ الْبشر كَانَ الِاسْتِدْلَال على ذَلِك بالعور دَلِيلا على انْتِفَاء الآلهية عَنهُ وَقد خاطبني قَدِيما شخص من خِيَار أَصْحَابنَا كَانَ يمِيل الى الِاتِّحَاد ثمَّ تَابَ مِنْهُ وَذكر هَذَا الحَدِيث فبينت لَهُ وَجهه وَجَاء الينا شخص كَانَ يَقُول إِنَّه خَاتم الاولياء فَزعم أَن الحلاج لما قَالَ أَنا الْحق كَانَ الله تَعَالَى هُوَ الْمُتَكَلّم على لِسَانه كَمَا يتَكَلَّم الجني على لِسَان المصروع وَأَن الصَّحَابَة لما سمعُوا كَلَام الله تَعَالَى من النَّبِي ﷺ كَانَ من هَذَا الْبَاب فبينت لَهُ فَسَاد هَذَا وَأَنه لَو كَانَ كَذَلِك كَانَ الصَّحَابَة بمنزل مُوسَى بن عمرَان وَكَانَ من خاطبه من هَؤُلَاءِ أعظم من مُوسَى لِأَن مُوسَى سمع الْكَلَام الالهي من الشَّجَرَة وَهَؤُلَاء يسمعُونَ من الْحَيّ النَّاطِق وَهَذَا يَقُوله قوم من الاتحادية لَكِن أَكْثَرهم جهال لَا يفرقون بَين الِاتِّحَاد الْعَام الْمُطلق الَّذِي يذهب اليه الْفَاجِر التلمساني وذووه وَبَين الِاتِّحَاد الْمعِين الَّذِي يذهب اليه النَّصَارَى والغالية وَقد كَانَ سلف

1 / 146