307

Al-Tawḍīḥ ʿan tawḥīd al-khallāq fī jawāb ahl al-ʿIrāq wa-tadhkirat ulī al-albāb fī ṭarīqat al-shaykh Muḥammad b. ʿAbd al-Wahhāb

التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

Publisher

دار طيبة، الرياض، المملكة العربية السعودية

Edition

الأولى، 1404هـ/ 1984م

ويرجو منها ومن بركتها وقد كانت العزى شجرة سمر بنخلة لغطفان يعبدونها بدعائها لتشفع خاصة لهم فبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فقطعها بالفاس وهو يقول: يا عزى كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك، فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها داعية ويلها، واضعة يدها على رأسها، فجعل يضربها بالسيف حتى قتلها، وكذلك مناة صخرة كانت لهذيل وخزاعة وقيل لثقيف، وسميت بذلك لما كان يمنى أي يراق عندها من الدماء للتبرك بها رجاء شفاعتها، وأخذوا اشتقاق اسمها من منى الله الأمر إذا قدره زاعمين أنه الله يقدر لهم بشفاعتها وإراقة الدماء عندها ما أرادوا طلبوه وعوها لتشفع لهم فيه.

وقد زعم صاحب المقدمة أن من تبرك بشجرة أو حجر فرجى منها ومن بركتها ما تفرج عنه الكروب وتشفى القلوب وتقضي الحوائج وتكشف الشدايد أو لتشفع له فيما رجاها ودعاها أن تشفع له فيه من ذلك فليس شيئا أكبر غير مغفور إلا بالتوبة منه والرجوع إلى دين الإسلام والملة الحنيفية عنه لقوله، فقد علم جوابه مما ذكرنا آنفا، يعني قوله فيما تقدم فيمن لبس الخلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء ودفعه، أنه ليس فيه إلا الحرمة والإثم ولا يلزم منه كون مرتكبه كافرا مشركا، فكذلك من تبرك بشجرة أو حجر ليس فيه إلا الحرمة والإثم لكن لا يلزم منه كون مرتكبه كافرا الخ، ولم يعلم حكم تعطيل معاملة الله تبارك وتعالى الواجبة على خلقه وعبيده التي هي معنى ألوهيته وتفرده فيما هو يختص بجلاله وعظمته من صمديته التي مفتقر بها إليه البر والفاجر، والبائس والشاكر، والمقل والمكثر المتفاخر، وسائر خلقه كلهم بها له قانتون، وإياه يدعون، ومن بركاته يرجون، إنما كان شرك الأولين بما يظنونه مرضيا لرب لعالمين ومقربا إليه في كل حين، ولذلك يخلصون له الدين في حال الشدة وكل أمر هائل مزعج متين: {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين * بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون} لكن هؤلاء الذين يستجاب لهم لإقرارهم بربوبيته وافتقارهم إلى صمديته وأنه يجيب دعاء المضطرين لا يعطيهم بدعائهم إلا متاعا في الحياة الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق، لأنهم عطلوا معاملته المقتضية لعبادته وعصوا رسله قال تعالى: {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا *

Page 274