182

Tawdih Can Tawhid

التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

Publisher

دار طيبة، الرياض، المملكة العربية السعودية

Edition Number

الأولى، 1404هـ/ 1984م

لأن هذا غير معهود في الإسلام ويدل على ذلك ما روى البخاري في صحيحه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي سأله ان ابني كان عسيفا على فلان فزنى بامرأته فافتديت منه بمائة شاة وخادم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله الوليدة والغنم رد عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها قال: فاعترفت فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت") وبتأمل ما ذكرناه يعلم اختلاف الظلم كما يعلم اختلاف الكفر وان كل كافر ظالم ولا عكس.

(وأما قولكم وسمى الله الكافر فاسقا في قوله: {وما يضل به إلا الفاسقين} الآية، وسمى المؤمن فاسقا في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط على قول الأكثر في قوله تعالى فيمن رمى المحصنات {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون} والآيات كثيرة في الأمرين) .

فنقول هذا من كلام ابن القيم أيضا وأصل الفسق الخروج يقال فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها، قال الله تعالى في حق إبليس عليه اللعنة ففسق عن أمر ربه أي خرج، وكل كافر خارج من الطاعة فهو فاسق ولا عكس، وان سمي فاسقا إذ الفسق أعم من الكفر وهو أخص وبينهما عموم وخصوص مطلق يجتمعان في مادة الكفر، وينفرد الفسق عنه، ولذلك سمى الله سبحانه وتعالى المؤمن العاصي فاسقا في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} نزلت في الوليد بن عقبة بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم جابيا للصدقات على بني المصطلق فلما قاربهم وسمعوا به اجتمعوا فهابهم وخاف على نفسه بسبب عداوة كانت بينهم في الجاهلية فلما خاف الوليد ورجع مخبرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمنعهم الزكاة وارتدادهم غضب النبي صلى الله عليه وسلم وهم بهم فجاؤا معتذرين مكذبين للوليد فأرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد آمرا له أن ينظر في أمرهم فان رأى خيرا أخذ الزكاة وان رأى أمارات غيره فعل بهم كفعله بالكفار، فرأى الخير بسماعه لأذاني صلاة المغرب والعشاء فأخذ الزكاة منهم وأنزل الله تبارك وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة} الآية فاستفيد ان المخبر بشيء لا يعمل بخبره إلا بعد التثبت ومن هنا قيل ان النميمة تمنع قبول خبر النمام لأنه

Page 160