Tawdih Ahkam
توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام
Genres
أي هذا فصل في بيان الأولياء ومن له الولاية منهم في النكاح ومن لا ولاية له وترتيبهم ومن له الجبر ومن لا جبر له. والأولياء جمع ولي قال الله تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون} أي الشرك ويتباعدون منه فكل مؤمن ومؤمنة ولي من أولياء الله تعالى ومن حزبه. والولي لغة # يطلق على المطيع وعلى الصديق والنصير والقريب (واصطلاحا) يطلق على ولي المرأة وعلى ولي الزوج إذا كان محجورا أو رقيقا والأول هو المقصود هنا. وقد عرفه الإمام ابن عرفة بقوله الولي من له على المرأة ملك أو أبوة أو تعصيب أو إيصاء أو كفالة أو سلطنة أو ذو إسلام (فقوله) على المرأة يشمل الحرة والأمة (وقوله) أو أبوة أي شرعية إذا الأب الزاني لا عبرة به يشمل الجد لأم وليس بمراد لأنه من ذوي الأرحام وليسوا بآباء وأما الملك فظاهر. وقوله أو تعصيب كالأخ الشقيق أو لأب والأعمام وأبناءهم كذلك. وقوله أو إيصاء يشمل الوصي ووصيه. وقوله أو كفالة يشمل الذكر والأنثى لكن المذهب أن الكافلة لا حق لها في الولاية. وقوله أو سلطنة المراد به القاضي أو نائبه. وقوله أو ذو إسلام معطوف على من له على المرأة ولاية وهو أعم الولايات قاله الشيخ ميارة. والولي الاصطلاحي ركن من أركان النكاح كما تقدم. والدليل على أنه واجب ركن قول الله عز وجل: {فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن} وهو خطاب للأولياء ولا يصح العضل إلا لمن إليه العقد قاله ابن راشد (وقال) القاضي أبو بكر بن العربي العضل يتصرف على وجوه مرجعها إلى المنع وهو المراد هنا فنهى الله تعالى أولياء المرأة عن منعها من نكاح من ترضاه وهذا دليل قاطع على أن المرأة لا حق لها في مباشرة النكاح وإنما هو حق الولي ولولا ذلك لما نهاه الله تعالى عن منعها (فإن قيل) لو كان الولي هو المنكح فكيف يقال له لا تمتنع من فعل نفسك وهو محال (قلنا) ليس الأمر كما ذكرتم للمرأة حق الطلب للنكاح وللولي حق المباشرة للعقد فإذا أرادت من يرضى حاله وأبى الولي من العقد فقد منعها مرادها. وقال عند قول الله عز وجل: {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} قال علماؤنا في هذه الآية دليل على أن النكاح للولي لا حظ للمرأة فيه لأن صالح مدين تولاه وبه قال فقهاء الأمصار وقال أبو حنيفة لا يفتقر النكاح إلى الولي إلى أن قال ومن المشهور في الآثار لا نكاح إلا بولي وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل # فنكاحها باطل فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن استمروا فالسلطان ولي من لا ولي له (فائدة) قال القاضي أبو بكر بن العربي قوله تعالى: {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي} فيه عرض الولي وليته على النكاح وهذه سنة قائمة عرض صالح مدين على صالح بني إسرائيل وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما وعرضت الموهوبة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم اه (قال) ابن راشد الحكمة في كون الزوجة لا حق لها في مباشرة نكاح نفسها هو أنها لما كانت لها داعية الشهوة لم يجعل لها ذلك بل جعل إلى وليها إذ لو أسند أمرها إليها لوضعت نفسها في دناءة وكان ذلك مضرا بها وبالولي والله أعلم. ولما كان الولي لا يستحق الولاية إلا بشروط ذكر الناظم منها أربعة فقال
(وعاقد يكون حرا ذكرا ... مكلفا والقرب فيه اعتبرا)
(الأول) منها الحرية فلا تصح ولاية الرقيق (الثاني) الذكورية قال القاضي أبو محمد لا خلاف أن المرأة لا تكون ولية على المرأة وقال ابن يونس وحيث كانت المرأة لا تعقد على نفسها كان عقدها على امرأة غيرها أحرى أن لا يجوز فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لا تنكح المرأة المرأة ولا المرأة نفسها (الثالث) البلوغ فلا يصح عقد الصبي وإن مميزا (الرابع) العقل فالمجنون أو المعتوه لا يصح عقده فهذا الشرط والذي قبله هما معنى قوله مكلفا. وأما ما ذكره من اشتراط القرب فلا يعول عليه وسيأتي حكمه في ترتيب الأولياء. وبقي على الناظم من شروط الولاية ثلاثة (أحدها) الموافقة في الدين فلا يزوج المسلمة إلا مسلم (ثانيها) أن يكون حلالا فلا تصح ولاية محرم بحج أو عمرة (ثالثها) أن يكون رشيدا فلا ولاية لسفيه قال ابن وهب ويستحب حضوره ولا تضر غيبته قال ابن القاسم ولا يعقد فلو زاد الناظم
وشرطه رشد وليس محرما ... وأن تكن مسلمة فمسلما
Page 28