119

4_ قصر الأمل، وتذكر الآخرة: فإذا تذكر المرء قصر الدنيا، وسرعة زوالها، وأدرك أنها مزرعة للآخرة، وفرصة لكسب الأعمال الصالحة، وتذكر ما في الجنة من النعيم المقيم، وما في النار من النكال والعذاب الأليم_أقصر عن الاسترسال في الشهوات، وانبعث إلى التوبة النصوح وتدارك ما فات بالأعمال الصالحات.

قصر الآمال في الدنيا تفز

فدليل العقل تقصير الأمل(337)

عن ابن عمر_رضي الله عنهما_قال: =أخذ رسول الله"بمنكبي، فقال: =كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل+.

وكان ابن عمر يقول: =إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك+(338).

قال الإمام ابن رجب×تعليقا على هذا الحديث: =وهذا الحديث أصل في قصر الأمل في الدنيا، وأن المؤمن لا ينبغي له أن يتخذ الدنيا وطنا ومسكنا، فيطمئن فيها.

ولكن ينبغي أن يكون فيها كأنه على جناح سفر يهيىء جهازه للرحيل، وقد اتفقت على ذلك وصايا الأنبياء وأتباعهم+(339).

قال ابن عقيل×: =ما تصفو الأعمال والأحوال إلا بتقصير الآمال؛ فإن كل من عد ساعته التي هو فيها كمرض الموت_حسنت أعماله، فصار عمره كله صافيا+(340).

وقال ابن الجوزي×: =من تفكر في عواقب الدنيا أخذ الحذر، ومن أيقن بطول الطريق تأهب للسفر+(341).

وقال×: =أعجب الأشياء اغترار الإنسان بالسلامة، وتأميله الإصلاح فيما بعد.

وليس لهذا الأمل منتهى، ولا للاغترار حد؛ فكلما أصبح وأمسى معافى زاد الاغترار وطال الأمل+(342).

Page 119