الموحدين، إذ الأغلال في أعناقهم، وثارت النار بطلبتها وفارت وشهقت على هاماتهم، ورمتهم الملائكة بالكلابيب فجذبتهم، وثارت إليهم النار بطلبتها وحريقها، وزفرت وشهقت على هاماتهم، وبادرت شرر النار إلى هاماتهم فتناولتها ثم جذبت هاماتهم إلى جوفها، وهم ينادون ويصرخون وقد أيسوا من أنفسهم، وهم لاجتذاب النار لهاماتهم فيها ينحدرون، وهم بالويل ينادون، وأنت تنظر إليهم مرعوبًا خائفًا أن تتبعهم، فتزل قدمك فتهوى (١) من الجسر وتنكسر قامتك وترتفع على الصراط رجلاك.
فتوهم ذلك في الدنيا بعقل فارغ وشفقة على ضعف بدنك، مخفف في الدنيا للمرور عليه، فإن أهوال يوم القيامة إنما تخفف على أولياء الله ﷿ الذين توهموها (٢) في الدنيا (٣) بعقولهم، فعظم خطر النجاة عندهم، فتحملوا من ثقل همومها في الدنيا على قلوبهم وشدة خوفها على نفوسهم، فخففها في القيامة بذلك عليهم مولاهم، فالزم قلبك توهمها والخوف منها والغم بها، لأنه يخفِّفها عليك بذلك ويهونها، لأنه آلى على نفسه ألا يجمع على أوليائه الخوف في الدنيا والآخرة.
_________
(١) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [فنهوا] .
(٢) قال (أ): في الهامش. وأظنه عنى أنه أثبته من الهامش.
(٣) كسابقه.
1 / 36