أبو سليمان: إذا سمعتَ الرجل يقول لصاحبه: بيني وبينك الصراط فاعلم أنه لا يعرف الصراط، ولو عرفه ما اشتهى (١) أن يتعلق بأحد، فلا يتعلق أحد.
١١**- عن مجاهد في قوله ﴿يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم﴾ (٢) قال: فيفزعون فيقولون: ﴿لا علم لنا﴾ (٣) .
عن مجاهد في قول الله ﷿ ﴿وترى كل أمة جاثية﴾ (٤) أي مستوفزين على الركب.
١٢- قال: سمعت عبد الله يقول: قال: رسول الله ﷺ: " كأني أراكم جاثين بالكوم دون جهنم " (٥) .
١٣- قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله ﷺ: " من أحب أن ينظر إلى يوم القيامة فليقرأ ﴿إذا الشمس كورت﴾ (٦) " (٧) .
١٤** - وعن عمر بن ذر قال: من غدا يلتمس الخير وجد الخير، أعليَّ تحملون جمود أعينكم وقسوة قلوبكم؟ احملوا العيَّ عليَّ إن لم أسمعكم اليوم واعظًا من كتاب الله ﷿، ثم قرأ: ﴿إذا الشمس كورت * وإذا النجوم انكدرت * وإذا الجبال سيرت﴾ (٨) حتى إذا بلغ: ﴿علمت نفس ما أحضرت﴾ (٩) (أو قال: حتى ختمها)، قال: ثم قال: اسمعوا إليَّ يا عرض الدنيا، فأين أنت منهم في ذلك الموقف؟ هل تطمع أن يبلغ بك الهول ما بلغ منهم، بل أعظم مما بلغ منهم ما لا يطيقه قلبك فلا يقوم به بدنك، فهذه عقولهم
_________
(١) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في الأصل عنده [اشتها] .
(٢) المائدة /١٠٩.
(٣) المائدة /١٠٩.
(٤) الجاثية /٢٨.
(٥) أخرجه بهذا اللفظ ابن المبارك في الزهد ص١٠٥ فقال: أنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال سمعت عبد الله بن باباه يقول: قال رسول الله ﷺ: " كأني أراكم بالكوم جاثين دون جهنم ".
والحديث مرسل، فرجاله كلهم ثقات رجال الكتب الستة، غير عبد الله بن باباه فهو من رجال مسلم والأربعة، وهو ثقة من الطبقة الثالثة، كما في التقريب وهي الطبقة الوسطى من التابعين كالحسن وابن سيرين.
هذا وقد أخرجه من هذا الطريق ابن أبي حاتم كما ذكره ابن كثير في التفسير (٤/١٥٣)، وأبو نعيم في الحلية (٧/٢٩٩)، وكذا ذكره ابن حجر في الفتح فقال: وقد أخرج البيهقي في البعث من مرسل عبد الله بن باباه بسند رجاله ثقات رفعه: " كأني أراكم بالكوم جثى من دون جهنم.
(٦) التكوير /١.
(٧) والحديث بهذا اللفظ أخرجه أحمد (٢/٣٧) فقال: ثنا إبراهيم بن خالد ثنا عبد الله بن بحير عن عبد الرحمن بن يزيد - وكان من أهل صنعاء، وكان أعلم بالحلال والحرام من وهب يعني ابن منبه - قال: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول اللهِ ﷺ: " من أحب أن ينظر إلى يوم القيامة فليقرأ ﴿إذا الشمس كورت﴾ .
ومن طريق أحمد أخرجه ابن أبي عاصم في الزهد (٢/٤٥) .
وقد تابع إبراهيم بن خالد هشامُ بن يوسف عند الحاكم في المستدرك (٢/٥٦٠) ح٣٩٠٠.
وجاء من طريق عبد الرزاق بن همام عن عبد الله بن بحير عن عبد الرحمن بن يزيد الصنعاني قال سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله ﷺ: " من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ ﴿إذا الشمس كورت﴾ و﴿إذا السماء انفطرت﴾ و﴿إذا السماء انشقت﴾ ".
وهذا لفظ الترمذي (٥/٤٣٣) ح٣٣٣٣ وقال: حسن غريب، والحاكم (٤/٦٢٠) ح٨٧١٩، وزاد أحمد: وأحسبه أنه قال: وسورة هود. أخرجه أحمد (٢/٣٦)، وبنحوه أخرجه أحمد (٢/٢٧، ١٠٠ ولم يذكر فيه ﴿إذا السماء انشقت﴾)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٢/٢٤٧)، وأبو نعيم في الحلية (٩/٢٣١)، وابن حجر في الفتح (٨/٥٦٤) وقال: حديث جيد. وقد صحح الحديث الألباني في صحيح الترمذي.
فكل هذه الطرق تأتي من طريق عبد الله بن بحير عن عبد الرحمن بن يزيد.
وإسناده جيد، ففيه عبد الرحمن بن يزيد اليماني أبو محمد وثقه ابن حبان، وقال ابن حجر في التقريب: صدوق. وقال الذهبي في الكاشف: وثق. وقد نعته الراوي عنه بقوله: وكان من أهل صنعاء وكان أعلم بالحلال والحرام من وهب يعني ابن منبه.
وعبد الله بن بحير وثقه ابن معين، واضطرب فيه كلام ابن حبان، كما قال ابن حجر، فقد جعل ابن حبان «عبد الله بن بحير بن ريسان»، غير «عبد الله بن بحير أبو وائل القاص الصنعاني» ووثق الأول، واتهم الثاني فقال: يروي العجائب التي كأنها معمولة لا يجوز الاحتجاج به. وقال ابن حجر في التهذيب: «قال الذهبي في التذهيب - وقرأته بخطه ـ: لم يفرق بينهما أحد قبل ابن حبان وهما واحد» . وقال ابن المديني: سمعت هشام بن يوسف - وسئل عن عبد الله بن بحير القاص - فقال: كان يتقن ما سمع. وقال الذهبي في الكاشف: وثق، وليس بذاك.
قلتُ: فلم أجد دليلًا على التفريق بينهما.
هذا. وقد أخرج الإسماعيلي في معجم شيوخه (١/٤٦٤) فقال: حدثنا محمد بن عون حدثنا عبد الواحد بن غياث حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن الأعمش عن أبي صالح عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: " من أراد أن ينظر إلى يوم القيامة فليقرأ ﴿إذا الشمس كورت﴾ .
وإسناده ضعيف، وذلك لشأن محمد بن عون وهو السيرافي، قال عنه الإسماعيلي: وكان ينسب إلى التفسير ولم يكن في الحديث بذاك. وكذا ذكر في لسان الميزان.
(٨) التكوير /١: ٣.
(٩) التكوير /١٤.
1 / 20