مضعفين بالعدد، وعظم الأجسام، وكل أهل سماء محدقين بالخلائق صفًا واحدًا.
حتى إذا وافى (١) الموقف أهل السموات السبع والأرضين السبع كسيت الشمس حر عشر سنين، وأدنيت من رؤوس (٢) الخلائق قاب قوس أو قوسين، ولا ظل لأحد إلا ظل عرش رب العالمين، فمن بين مستظل بظل العرش، وبين مضحو بحر الشمس، قد صهرته بحرها، واشتد كربه وقلقه من (٣) وهجها، ثم ازدحمت الأمم وتدافعتْ، فدفع بعضُها بعضًا، وتضايقت فاختلفت الأقدام، وانقطعت الأعناق من العطش، واجتمع حر الشمس ووهج أنفاس الخلائق وتزاحم أجسامهم، ففاض العرق منهم سائلًا حتى استنقع على وجه الأرض ثم على الأبدان على قدر مراتبهم ومنازلهم عند الله ﷿ بالسعادة والشقاء، حتى إذا بلغ من بعضهم العرق كعبيه، وبعضهم حِقْويْه (٤)، وبعضهم إلى شحمة أذنيه، ومنهم من قد (٥) كاد أن يغيب في عرقه، ومن قد توسط العرق من دون ذلك منه.
٣- عن [سعيد بن عمير] (٦)
قال: جلست إلى ابن عمر وأبي سعيد الخدري، وذلك يوم الجمعة، فقال أحدهما لصاحبه: [إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: " أين يبلغ] (٧) العرق من ابن آدم يوم القيامة؟ فقال أحدهم: شحمة
_________
(١) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في الأصل عنده [وافا] .
(٢) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في الأصل عنده [روس] .
(٣) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في الأصل عنده [فوق] .
(٤) الأصل في الحَقْو مَعْقِد الإزار وجمعه أحْقٍ وأحْقاء، ثم سُمّي به الإزار للمجاورة.
(٥) قال (أ): في الهامش.
(٦) كذا في التراجم، أما في المطبوع من (التوهم) قال [عمير بن سعيد] وهو خطأ.
هذا. وسعيد بن عمير اختلف في ترجمته، فمنهم من جعله واحدًا، ومنهم من جعله غير ذلك، وإليك بعض البيان:
ابن حبان ذكر في ثقاته أربع تراجم لمن اسمه سعيد بن عمير:
ترجمة رقم (٢٩٣٩) قال: سعيد بن عمير الحارثي الأنصاري، من أهل المدينة يروي عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري، روى عنه جعفر بن عبد الله - وهو والد عبد الحميد ـ.... . وذكر في ترجمته حديثنا هذا.
ترجمة (٢٩٤٠) سعيد بن عمير بن عبيد الأنصاري يروى عن أبى برزة الأسلمي روى عنه وائل بن داود الثوري أحسبه الأول.
ترجمة (٢٩٤٢) سعيد بن عمير بن عقبة بن نيار يروى عن عمه أبى بردة بن نيار روى عنه سعيد بن سعيد الثعلبي.
ترجمة (٨١٣٨) سعيد بن عمير يروى عن نافع عن ابن عمر في عرق يوم القيامة روى عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عنه.
وهذه الترجمة الأخيرة تجاهلها أصحاب الكتب فلم يذكروها، بل لم يذكروا هذه الثلاث تراجم بل دمج البخاري هذه الثلاث إلى ترجمتين، فجعل الأولى مستقلة، وهي ترجمة الذي يروي عن ابن عمر وأبي سعيد، ويروي عنه عمرو بن عبيد الله.
وقال في الثانية: سعيد بن عمير الأنصاري روى عنه وائل بن داود. قال أبو أسامة عن سعيد بن سعيد سمع سعيد بن عمير بن عقبة بن نيار الأنصاري عن عمه أبي بردة قال النبي ﷺ: " ما من عبد من أمتي صلى عليَّ صادقًا من نفسه إلا ﷺ الله عليه عشرًا ". روى عنه وائل بن داود عن النبي ﷺ أطيب الكسب عمل الرجل بيده. وأسنده بعضهم وهو خطأ.
وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب: وقال الفسوي سعيد بن عمير الذي روى عنه وائل بن داود هو ابن أخي البراء بن عازب فكأنهما عنده واحد - يعني بين الذي يروي عنه وائل، وبين الذي يروي عنه سعيد بن سعيد ـ. ثم قال ابن حجر: وهو الأشبه. والله أعلم. ومعنى ذلك أن ابن حجر رجح ما جعله البخاري واحدًا.
وقد جعل الثلاثة ترجمة واحدة المزي في تهذيب الكمال. وكذلك رجح الأستاذ حسين سليم أسد في مسند أبي يعلى (١٠/٧٣)، وأرجح ذلك بكون الذي يروي عنه وائل بن داود من حلفاء بني حارثة، وكذا نسبه ابن حجر في اللسان.
غير أن الذي يروي عن ابن عمر ذكروا أنه من أهل المدينة، وقال الفسوي في سعيد بن عمير: وهو ابن أخي البراء بن عازب لا بأس به كوفي. كما نقل ذلك عنه الأستاذ / حسين أسد عن كتاب الفسوي المسمى بـ المعرفة والتاريخ.
(٧) كذا في المطبوع من التوهم، أما في مسند أحمد (٣/٩٠) فقال: [إني سمعت رسول الله ﷺ يذكر أنه يبلغ]، وأما في المستدرك ح٨٧٩٧ فقال: [إني سمعت النبي ﷺ يذكر مبلغ]، وأما في مسند أبي يعلى (١٠/٧٣) فقال: [سمعت رسول الله ﷺ يقول: " يبلغ]، وفي الثقات لابن حبان قال: [كيف سمعت النبي ﷺ يذكر أين يبلغ] وعلى رواية ابن حبان يكون تصحيح ما في التوهم إلى [أنَى سمعت رسول الله ﷺ يقول أين] فيكون أحدهما يسأل الآخر. هذا وفي باقي الروايات اختلاف يسير عن هذه الرواية في بقية الحديث.
1 / 13