Tathir Lutus
تأثير اللوتس: رواية عن جزيئات النانو في أبحاث الطب الحيوي
Genres
ردت فاندا بحزم: «لن ألعب في أي مكان.» «أعترف أن النموذج ميكانيكي أكثر مما ينبغي، لكن هكذا نفكر.» «لا أقصد هذا، أعني أني ما دمت لا أفهم هذه الكرات العجيبة القادمة من بوسطن، فلن أجازف باللعب بها، الكرات التي يصدم بعضها بعضا هي تلك المادة في الدراسة الخاصة بشركة بي آي تي. هل أنا على حق؟» «نعم ولا. تذكرين أن الطرد الذي حصلنا عليه منكم كان يحوي ثلاث أمبولات؟ واحدة منها كانت تحمل جزيئات النانو، والثانية تحوي مركزا للمادة المذيبة، عندما نقوم بإذابة المادة فيها تتصرف جزيئاتها فعلا مثل الكرات التي على الطاولة إلى اليمين. لاحقا أضفنا إليها محتوى الأمبولة الثالثة في طردكم، فتكتلت الجزيئات فورا بعضها مع بعض، تماما كما تفعل الجزيئات في العينة التي تركتها لنا وزارة الخارجية الأمريكية. لا بد أن لهذا علاقة بسطح الجزيء. نحن لا نزال في انتظار نتائج البيولوجيا الجزيئية وصور الأشعة للتحليل الهيكلي.»
أخذت فاندا تفكر. الأمر يبدو وكأن شركة بي آي تي أخذت مادة خاما من مصانع السلاح بالولايات المتحدة الأمريكية، ثم تمكنت من تعظيم قيمتها بإضفاء خواص غير عادية عليها. جزيئات نانو لا تتكتل لتتوزع بخفة في قنوات التنفس، هذه لم توجد بعد، وهي في الواقع التي يمكنها أن تمثل اختراقا تقنيا لأشكال من العلاجات جديدة تماما.
أخطرت فاندا زابينة ويوهانيس سريعا بالبريد الإلكتروني، ورد الاثنان من فورهما. كانا مقتنعين مثلها أن كرات بلياردو النانو غير منضبطة الحركة هي التي أمرضت فئران زابينة.
تواترت لقاءاتهم هذا الأسبوع، مرة عند فاندا، ومرة في منزل زابينة، وتناقشوا في فرضية عملهم. في الوقت ذاته زاد اهتمام سنايدر بحالة جونتر هيلبيرج. ولم تستغرب فاندا ذلك. كان الطيار قد تحدث عن مادة مسماة «نانوباكت-إن بي 2701»، وكانت المادة التي حصلت عليها شركتا بي آي تي، وسي آر دبليو سي من الجيش الأمريكي تشتركان مع هذه المادة - لنقل - في اسم العائلة. لا يمكن أن يكون هذا الأمر من قبيل الصدفة. هنا يكمن قطب الرحى التي تتقاطع فيها تحرياتهما. في كل الأحوال لم يكن من الممكن التخلي عن فكرة أن هناك رابطة بين تحريات سنايدر في نيو مكسيكو ووفاة هيلبيرج. هاجمتها صور مخيفة. كانت تتقلب في فراشها من صور فئران تنفق من التشنجات المميتة، وهيلبيرج يضحك ثم يسقط رأسه فجأة، وعيون دكتور جليزر التي تخترقها اختراقا. لم تكن تريد لحياتها أن تنتهي مثل نهاية جونتر هيلبيرج. لا، وحاولت أن تحتفظ بهدوئها؛ لأن كل مخاوفها لا أساس لها بالمرة، ستثبت بنفسها أن الأحداث في نيو مكسيكو لا علاقة لها بوفاة طبيب الأعصاب في ميونخ. فليس ثمة تلوث. كانت تهدئ من روعها بقول إن الصداع الذي كان ينتابها صار نادرا ما يداهمها، أما ما يخص رعشة يديها فقد تعودت أن تضم قبضة يدها في حضور الآخرين وتضعها في حجرها، وهكذا لم يكن أحد يلاحظ الأمر، ولأن أحدهم لم يشاهد المسألة كانت تتمكن من تنحيتها جانبا.
لم يكن من الصعب على فاندا أن تقنع زملاءها بسبب اهتمامها بتحريات سنايدر، وأنهم يدينون له بما وصلوا إليه من معلومات. وهكذا بررت لهم في لقائهم قرارها أن تتابع «حالة جونتر هيلبيرج» بنفسها.
كانت مادة البحث محفوظة في قسم علم الأمراض بمستشفى ميونيخ الكبير، كما عبر زميل أندرياس السابق عن رغبته في مساعدتها للوصول إليها. لقد كان الطريق الرسمي مليئا بالمخاطر، كما أن الروابط بين المعاهد لا يمكن سبر غورها، ولا ينبغي لشتورم أن يعرف بأمر التحريات التي تجريها. كانوا قد اقتربوا من هدفهم، وهو الكشف عن لغز المادة التي تستخدمها شركة بي آي تي، وإذا ساورته شكوك بشأنهم فسيمنعهم من مواصلة عمليتهم ويطردهم جميعا، وستضيع كل مجهوداتهم هباء. «لا تراجع»، قالت لزملائها «لقد توغلنا في المنطقة العميقة لدرجة أننا مضطرون لمواصلة البحث.» «حقا؟» بدت زابينة مترددة فجأة.
فحذرت بيترا: «لو فشل الأمر فأنا لم أكن معكم، أتمنى أن يكون ذلك واضحا لكم جميعا.» كان يوهانيس يعض على أسنانه بلا توقف. نظرت زابينة إلى فاندا متفحصة. «ما الذي يدفعك للمواصلة؟»
هزت فاندا كتفيها وبدت فاترة فجأة: «أستطيع أيضا أن أسقط الموضوع.» قالتها وهي تحاول أن تبدو غير مبالية قدر الإمكان. «إذن؟» تأملتها زابينة متفرسة. «ماذا تريدين؟» لم تتمكن فاندا من إخفاء ثورتها، «ففي النهاية، أنا التي تحملت الورطة التي تسببت فيها.»
تدخلت بيترا: «هذا يكفي. بالتأكيد علينا أن نكمل المشوار، ونحن لا نستطيع الآن أن نقرر كيف سنستخدم كل ذلك. فالمعلومات التي لدينا ببساطة لا تزال منقوصة.»
لم تشأ زابينة أن تستسلم وقالت: «أريد أن أوضح أمرا ما هنا. أنا لم أطلب منكم شيئا، كل واحد منكم لديه أسبابه الخاصة للاشتراك في العملية.» أحست فاندا بنظراتها التي تخترقها فقالت: «أنا أريد معرفة الحقيقة.» «أي حقيقة؟»
Unknown page