والقصَّة في فتح الباري وغيره من كتب الحديث والسير١.
وقد وقع إجماعُ الأمَّة على أنَّ مَن أنكر البعثَ كَفَر وقُتِل، ولو قال لا إله إلاَّ الله، فكيف بمن يجعل لله ندًّا؟!
فإن قلتَ: قد أنكر ﷺ على أسامة قتلَه لِمَن قال (لا إله إلاَّ الله)، كما هو معروف في كتب الحديث والسير.
قلتُ: لا شكَّ أنَّ مَن قال: (لا إله إلاَّ الله) من الكفار حَقَنَ دمَه ومالَه حتى يتبيَّن منه ما يُخالف ما قاله، ولذا أنزل الله في قصَّة محلم بن جثامة [٤: ٩٤] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ الآية٢، فأمرهم الله تعالى بالتثبُّت في شأن مَن قال كلمةَ التوحيد، فإن تبيَّن التزامُه لمعناها كان له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، وإن تبيَّن خلافُه لَم يحقن دمه وماله بمجرد التلفظ.
وهكذا كلُّ مَن أظهر التوحيد وجب الكَفُّ عنه إلى أن يتبين منه ما يخالف ذلك، فإذا تبيَّن لَم تنفعه هذه الكلمةُ بمجردها، ولذلك لَم تنفع اليهود ولا نفعت الخوارج مع ما انضمَّ إليها من العبادة التي يحتقر الصحابةُ عبادتَهم إلى جنبها، بل أَمَرَ ﷺ بقتلهم، وقال: "لئن أدركتُهم لأقتلَنَّهم قتل عاد" ٣، وذلك لَمَّا خالفوا بعضَ الشريعة وكانوا شرَّ
_________
١ قصة تحريق علي السبائيةَ هي في الفتح (١٢/٢٧٠)، ذكرها وقال: "وهذا سند حسن"، وهي في شرح حديث (٦٩٢٢) من صحيح البخاري، والبيتان ذكرهما في الفتح (٦/١٥١) في شرح حديث (٣٠١٧) .
٢ القصة في سبب نزول الآية في الصحيحين: البخاري (٤٥٩١) ومسلم (٣٠٢٥)، دون تسمية القاتل، وفي مسند الإمام أحمد (٢٣٨٨١) وغيره تسمية القاتل محلم بن جثامة، وفي إسنادها القعقاع بن عبد الله، وفيه مقال.
٣ رواه البخاري (٣٣٤٤) ومسلم (١٠٦٤) .
1 / 72