ورازقُهم، ولهذا احتجَّ عليهم الرسل بقولهم: [١٦: ١٧] ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ﴾، وبقولهم: [٢٢: ٧٢] ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾، والمشركون مقرُّون بذلك ولا ينكرونه.
الأصل الخامس
أنَّ العبادة أقصى باب الخضوع والتذلل، ولم تُستعمل إلاَّ في الخضوع لله؛ لأنَّه مُولي أعظم النِّعم، وكان لذلك حقيقًا بأقصى غاية الخضوع، كما في (الكشاف) ١.
ثمَّ إنَّ رأسَ العبادة وأساسَها التوحيدُ لله الذي تفيده كلمته التي إليها دعت جميع الرسل، وهي قول (لا إله إلاَّ الله)، والمراد اعتقاد معناها والعمل بمقتضاها، لا مجرَّد قولها باللسان.
ومعناها: إفراد الله بالعبادة والإلهية، والنفي والبراءة من كلِّ معبود دونه، وقد علم الكفار هذا المعنى؛ لأنَّهم أهلُ اللسان العربي، فقالوا: [٥: ٣٨] ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾
_________
١ في تفسير الآية الكريمة ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ (إسماعيل) .
1 / 53