في تحريم البناء على القبور واتِّخاذها مساجد، ومنها ما قاله رسول الله ﷺ قبل وفاته بخمس ليال، ومنها ما قاله عند نزع روحه ﷺ، وفي ذلك الدلالة الواضحة على أنَّها مُحكمةٌ غير منسوخة؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ لَم يعش بعد أن قالها، فلا يكون هناك مجال للنسخ، وهذا من كمال بيانه ونصحه لأمَّته وشفقته عليها صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وقد اعتنى العلماء قديمًا وحديثًا ببيان خطر البناء على القبور والافتتان بها، وأنَّ ذلك يُفضي إلى الشرك، ومن هؤلاء العلماء عالِمان يَمنيان عاش أحدُهما في القرن الثاني عشر، والآخر في القرن الثاني عشر والثالث عشر، وهما الشيخ الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني المولود سنة (١٠٩٩هـ)، والمتوفى سنة (١١٨٢هـ)، وقد ألف في ذلك كتابه "تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد"، والثاني الشيخ الإمام محمد ابن علي الشوكاني، المولود سنة (١١٧٢هـ)، والمتوفى سنة (١٢٥٠هـ)، وقد ألَّف في ذلك كتابه: "شرح الصدور في تحريم رفع القبور".
وقد رأيت أن أجمع بين هذين الكتابين تيسيرًا للانتفاع بهما، مع التعليق على مواضع منهما، وأن أقدِّم بين يدي ذلك بمقدِّمة تشتمل على خمسة فصول:
الفصل الأول: في التعريف بالإمامَين الصنعاني والشوكاني وكتابيهما "تطهير الاعتقاد" و"شرح الصدور" من كلام شيخنا الشيخ عبد الرزاق عفيفي ﵀، نقلًا من تقديمه للجامع الفريد طبعة الجميح.
الفصل الثاني: في بيان تقسيم التوحيد إلى توحيد الربوبيَّة وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات.
1 / 6