«وانشق القمر»، فجاء بأمر قد كان وانقضى ومضى فنسق على الماضي بالماضي، ولو كان على ما ظنّ النظّام لقال: اقتربت الساعة وانشقاق القمر، او كان/ يقول وسينشق القمر، فلما لم يقل ذلك وقال:
وانشقّ القمر، علمت انه اخبر عن شيئين واقعين قد وقعا وكانا وحصلا.
ثم قال على نسق الكلام: «وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر» فأخبر انها آية مرئية وحجة ثابتة. ثم قال على نسق الكلام: «ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر. حكمة بالغة فما تغني النّذر»، وهذا لا يقال فيما لم يقع ولم يكن. فتأمل هذا التقريع والتعنيف لتعلم انه امر قد كان، ولا يسوغ ان يقال في امر لم يكن، ولم يقع هذا القول.
وأيضا فإن ما يقع في القيامة وعند قيام الساعة لا يكون حجة على المكلفين، ولا يعنّفون في ترك النظر والتأمل له، فإن التكليف حينئذ زائل مرتفع.
فأما قول النظّام: فلم لا يشاهد هذه الآية كل الناس، فليس هذا بلازم، لأن الناس لم يكونوا من هذا على ميعاد وإنما هو شيء حدث ليلا وما كان عندهم خبر بأنه سيحدث وسيكون في وقت كذا فينظرونه، واذا كان كذلك فقد بطل ما ظنه. يزيدك بيانا ان القمر قد ينكسف كله فلا يرى ذلك من الناس إلا الواحد بعد الواحد والنفر اليسير لنومهم»
، فكيف بانشقاق القمر الذي انشق ثم التأم من ساعته بعد ان رآه اولئك القوم الذين طلبوه.
_________
(١) وقد تقرأ: لتوهم.
1 / 57