وباب آخر [وعد الرسول اصحابه في حال ضعفهم ان الله سينصرهم]
وهو ما وعد أصحابه من المهاجرين والأنصار والمكيين في حال ضعفهم ان الله سينصرهم ويمكنهم ويقوّيهم ويظهرهم، فيقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وتكون العقبى لهم؛ وتلا بذلك القرآن وخلّده وأسمعه عدوّه ووليّه، فقال ﷿:
«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ. وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ ... «١»» الى قوله: وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ»؛ فتمكن أصحابه وخلفاؤه، فأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، وكانت العقبى لهم/» .
وفي هذا غيوب كثيرة أخبر بها قبل ان تكون فكانت كما فصّل وكما أخبر وفسر، لتعلم ان هذا قول الله وكلامه، وان محمدا رسوله.
وهذا في سورة الحج وهي مكية، ولو كانت مدنية لكان فيها من الدلائل مثل ذلك، ولكنها اذا كانت مكية كانت آكد في الحجة لأن ضعفهم إذ ذاك أشد، «الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ» «٢»، ولقولهم: «رَبُّنَا اللَّهُ»، ولكفرهم بديانات قريش والعرب هم المهاجرون
_________
(١) الحج ٣٩ وما بعدها
(٢) الحج ٤٠، والآيات هي: «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ. الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ» ٢٥
1 / 44