شانئك هو الأقهر والأغلب والأظهر، وأنت الأبتر، فلو أنصفوا وتدبروا القرآن لما قالوا في المهاجرين والأنصار هذا القول.
وباب آخر [عرض المشركين على الرسول ان يعبد آلهتهم ويعبدوا إلهه]
وهو ان قريشا لما حرضوا على قتل رسول الله ﷺ وإبادته وإطفاء نوره، وعلى التنفير منه والصدّ عنه والله تعالى يصرفهم بألطافه عنه مشوا اليه، وهم: الوليد بن المغيرة، وعقبة بن ابي معيط، والنضر بن الحارث بن كلدة، وأمية بن خلف، وعتبة بن خلف، والجماعة من قريش، قالوا: يا محمد، انك قد سفهت أحلامنا، وكفّرت أسلافنا، وعبت آلهتنا وأدياننا/، وشتّتّ كلمتنا، وقطّعت أرحامنا، فهلمّ الى أمر يكون بيننا وبينك، فتعبد أنت آلهتنا التي نعبدها ونعبد إلهك، وتعبد آلهتنا التي كنا عبدناها ونعبد إلهك، ثم تعبد ما عبدنا ونعبد ما عبدت؛ فإن كان معنا خير كنت قد أصبت منه، وان كان معك خير كنا قد أصبنا منه، وتكون كلمتنا سواء، وتسالمنا ونسالمك، وتكون لنا ونكون لك؛ فأنزل الله تعالى: «قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ. لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ. وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ، وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ، وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ» فأخبر انه لا يصير ولا يجيب الى ما قالوا، ولا يقبلهم بهذا الشرط، ولا يكونون على هذا الوجه عابدين لله على الوجه الذي عبده، فكان كما قال.
وفي هذا غيوب كثيرة مفصلة جاءت كما أخبر، وهذا لا يكون إلا من علّام الغيوب، ولو لم يكن من آياته إلا هذا لكفى وأغنى. فهذا
1 / 40