وليس في هؤلاء من أغضب الناس إغضاب رسول الله ﷺ، ولا من ادعى دعواه، ولا من أذكر عدوّه بعداوته وأيقظه وبعثه على قتله وخرج إليه بذات نفسه وما يريد ان يعمله، مثل رسول الله ﷺ. فانه أتاهم على الوجه الذي ذكرنا في الوحدة والفقر ورماهم بتلك العداوة، ثم قال:
ولا تقتلوني، بل أنا أقتلكم وأسبيكم وأستبيح حصونكم، فكان كما قال.
فإن قيل: ومن سلم لكم أن المهاجرين والانصار كانوا يعتقدون نبوته وصدقه، سيما وفي اهل ملتكم اليوم من طوائف الشيعة من يقول: إن أبا بكر وعمر وعثمان وتلك الجماعات والمهاجرين والانصار ما آمنوا به قط، ولا اعتقدوا صدقه ولا تعظيمه ولا إجلاله ولا توقيره، وما كانوا إلا زائرين «١» عليه، معتقدين تكذيبه وافتعاله واحتياله، وانما كان اتباعهم له هزآ به، واغتيالا له، وسخرية منه، وإرصادا لزلالنه وإفساد امره، ولإبطال تدبيره، ولمغالبته على الرئاسة، وأنهم ما أقاموا له وزنا قط. وانما كان الذين يعتقدون ما ادعيتم فيه نفرا يسيرا، كانوا مغلوبين مقهورين بهذه الجماعات من المهاجرين والأنصار، وأنهم خرجوا من/ الدنيا على حال القهر والغلبة من هؤلاء المهاجرين والأنصار، ومعهم بذلك روايات وأقوال ونصوص يدعون انها من صاحبكم، وتصنيفات قد ملأت الدنيا.
قيل له: إنا ما قلنا في أبي بكر وعمر وعثمان وتلك الجلة والوجوه من المهاجرين والانصار انهم قد اعتقدوا تبرئته وصدقه، لمجامعة من ادعيت من الشيعة لنا، وانما قلنا ذلك بالتأمل لأحوالهم وبالاستنباط الذي قد ذكرنا
_________
(١) هذه الكلمة في الاصل تختلط مع زارين، والزئير صوت الأسد من صدره، والزائر اسم الفاعل. يعني القاضي هنا بيان شدة موقف الصحابة بزعم الباطنية من رسول الله ﷺ.
1 / 29