94

Tasis Taqdis

تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس

Investigator

عبد السلام بن برجس العبد الكريم

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الطبعة الأولى ١٤٢٢هـ

Publication Year

٢٠٠١م

ومعاداتهم، وتنقصوا من أشركوا به غاية التنقص إذ ظنوا أنهم راضون منهم بهذا وأنهم أمروهم به وأنهم يوالونهم عليه، وهؤلاء أعداء الرسل وأهل التوحيد في كل زمان ومكان، وما أكثر المستجيبين لهم، وما نجا من شرك هذا الشرك الأكبر إلا من جرد توحيد الله وعادى المشركين في الله وتقرب بمقتهم إلى الله واتخذ الله وحده وليه وإلهه ومعبوده، فجرد حبه وخوفه لله ورجاءه لله وذله لله وتوكله على الله واستعانته بالله، إذا سأل سأل الله وإذا استعان استعان بالله وإذا عمل عمل لله فهو لله وبالله ومع الله. وقال في موضع آخر: وهكذا قول عباد المسيح للنبي ﷺ لما قال لهم إن المسيح عبد، قالوا تنقصت المسيح وعبته. وهكذا أشباه المشركين لمن منع اتخاذ القبور أوثانا تعبد ومساجد وأمر بزيارتها على الوجه الذي أذن الله فيه ورسوله قالوا تنقضت أصحابها، فانظر إلى هذا التشابه بين قلوبهم حتى كأنهم قد تواصوا به، ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا. وقد قطع الله سبحانه في كتابه الأسباب التي يتعلق بها المشركون جميعا يعلم من تأمله وعرفه أن من اتخذ من دون الله وليا أو شفيعا فهو كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون، فقال تعالى: ﴿قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَه﴾ [سبأ:٢٢،٢٣] . فالمشرك إنما يتخذ معبوده لما يحصل له به من النفع. والنفع١ لا يكون إلا ممن فيه خصلة من هذه الخصال الأربع: إما مالك لما يريد عابده منه، فإن لم يكن مالكا كان شريكا، فإن لم يكن شريكا كان معينا له وظهيرا، فإن لم يكن معينا ولا ظهيرا كان شفيعا عنده، فنفى سبحانه المراتب الأربع نفيا مرتبا متنقلا من الأعلى إلى ما

١ سقطت "والنفع" من "ب".

1 / 105