103

Tasis Taqdis

تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس

Investigator

عبد السلام بن برجس العبد الكريم

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الطبعة الأولى ١٤٢٢هـ

Publication Year

٢٠٠١م

Genres

Theology
قال شيخ الإسلام تقي الدين بعد كلام سبق: ولهذا كانوا في الشفاعة على ثلاثة أقسام:
فالمشركون١ أثبتوا الشفاعة التي هي شرك، كشفاعة المخلوق عند المخلوق كما يشفع عند الملوك خواصهم لحاجة الملوك إلى ذلك، فيسألونهم بغير إذنهم ويجيب الملوك سؤالهم لحاجتهم إليهم، فالذين أثبتوا مثل هذه الشفاعة عند الله مشركون كفار، لأن الله لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، ولا يحتاج إلى أحد من خلقه، بل من رحمته وإحسانه إجابة دعاء الشافع، ولهذا قال ﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ﴾ [السجدة:٤] إلى أن قال: وأما الخوارج والمعتزلة٢ فإنهم أنكروا شفاعة نبينا ﷺ في أهل الكبائر من أمته، وهؤلاء مبتدعة ضلال مخالفون للسنة المستفيضة عن النبي ﷺ ولإجماع خير القرون.
القسم الثالث: أهل السنة والجماعة، وهم سلف الأمة وأئمتها ومن تبعهم بإحسان، أثبتوا ما أثبته الله في كتابه وسنة رسوله، ونفوا ما نفاه، فالشفاعة التي أثبتوها، هي الشفاعة التي جاءت بها الأحاديث، وأما الشفاعة التي نفاها القرآن - كما عكسه المشركون والنصارى ومن ضاهاهم من هذه الأمة- فينفيها أهل العلم والإيمان، مثل أنهم يطلبون من الأنبياء والصالحين الغائبين والميتين قضاء حوائجهم، ويقولون إنهم إن أرادوا ذلك قضوها، ويقولون إنهم عند الله كخواص الملوك عند الملوك، يشفعون بغير إذن الملوك، ولهم على الملوك إدلال يقضون به حوائجهم، فيجعلونهم لله بمنزلة شركاء الملك. والله سبحانه قد نزه نفسه عن ذلك. انتهى.
وقوله: إن الله ملّك المؤمنين الشفاعة مستدلا بقوله سبحانه: ﴿لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَانِ عَهْدًا﴾ [مريم:٨٧] وقوله:

١ وهؤلاء هم القسم الأول من أصناف الناس في الشفاعة.
٢ وهم القسم الثاني.

1 / 114