Tashnif Masamic
تشنيف المسامع بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي
Investigator
د سيد عبد العزيز - د عبد الله ربيع، المدرسان بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر
Publisher
مكتبة قرطبة للبحث العلمي وإحياء التراث
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م
Publisher Location
توزيع المكتبة المكية
Genres
فِيهِ نَهْيٌ، إِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الكراهةِ النَّهْيُ لاَ مَا يُفْهَمُ فِي العرفِ مِنَ الكراهةِ التِي هِيَ ضِدُّ الإِرَادَةِ، وَذَلِكَ مُقَرَّرٌ فِي أُصُولِ الدينِ.
قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَنَبَّهَ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا بِالنَّهْيِ المقصودِ بِأَنْ يَكُونَ نَصًا وَلاَ بُدَّ، فِإِنَّا نَرَاهُمْ يَحْكُمُونَ بكراهةِ أشياءَ لاَ نَصَّ فِيهَا، وَلَكِنَّ المرادَ أَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ إِمَّا نَصٌّ، وَإِمَّا إِجْمَاعٌ، وَإِمَّا قِيَاسٌ، وَإِمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الأَدِلَّةِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا.
قُلْتُ: لَمْ يَنْفَرِدِ الإمامُ بِذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: وَبَيْنَ الكراهةِ والإباحةِ وَاسِطَةٌ، وَهِيَ خِلاَفُ الأَوْلَى، وَالتَّعَرُّضُ للفصلِ بينَهُمَا مِمَّا أَحْدَثَهُ المتأخرونَ. انْتَهَى.
وَهَذَا الذِي ذَكَرُوهُ فِي الفرقِ، مُتَعَقَّبٌ، فإنَّ الأصحابَ يُطْلِقُونَ خِلاَفَ الأَوْلَى عَلَى مَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ مقصودٌ، كصومِ يومِ عرفةَ للحاجِ.
الثَّانِي: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْولَ: فَإِنِ اقْتَضَى الخطابُ الفعلَ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ كَفٍّ جَازِمًا .... إلخ، أَوْ يَقُولَ: أَوْ كَفًّا جَازِمًا .... إلى آخرِهِ؛ لأَنَّ الاقْتِضَاءَ (١٢ ب) - وَهُوَ الطلبُ - إِنَّمَا يَكُونُ دَائِمًا للفعلِ؛ لأَنَّهُ المقدورُ، وَلأَنَّ التركَ فعلٌ وُجُودِيٌّ، فَلاَ يَكُونُ قَسِيمًا للفعلِ، وَهَذَا بَحَسْبِ حقيقةِ الفعلِ عَقْلًا، لَكِنْ لَمَّا كَانَ أهلُ العرفِ يُقَابِلُونَ بَيْنَ الفعلِ والتركِ الْمُطْلَقَيْنِ اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التقسيمِ.
(ص): (وَإِنْ وَرَدَ سببًا، وشرطًا، ومانعًا، وصحيحًا، وفاسدًا - فَوُضِعَ، وَقُدْ عُرِفَتْ حُدُودُهَا).
(ش): الضميرُ فِي وَرَدَ عائدٌ للخطابِ، وَهُوَ قَسِيمُ قولِهِ: (فِإِنِ اقْتَضَى)، وَإِنَّمَا عَبَّرَ هُنَا بِالْوُرُودِ؛ لأَنَّ الوضعَ لَيْسَ فِيهِ اقتضاءٌ، ومقصودُهُ أَنَّ الخطابَ يَنْقَسِمُ إِلَى طلبٍ وَهُوَ يَشْمَلُ الأحكامَ الخمسةَ، وإِلَى غَيْرِ طلبٍ، وَهُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ التخييرِ وَهُوَ الإباحةُ، وَقَدْ سَبَقَتْ أَوَّلًا مَعَ التخييرِ فَهُوَ الوضعُ، والكلامُ الآنَ فِيهِ، وحقيقتُهُ: الخطابُ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ لاَ بالاقتضاءِ والتخييرِ، سُمِّيَ بذلك؛ لأَنَّهُ شيءٌ وَضَعَهُ اللَّهُ فِي شَرَائِعِهِ لإِضَافَةِ الْحُكْمِ إِلَيْهِ، تُعْرَفُ بِهِ الأحكامُ تَيْسِيرًا لَنَا فَإِنَّ الأحكامَ غَيْبٌ، والفرقُ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ الحقيقةُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْوَضْعِ هُوَ قَضَاءُ الشَّرْعِ عَلَى الْوَصْفِ بِكَوْنِهِ سَبَبًا أَوْ مَانِعًا أَوْ شَرْطًا، وَخِطَابُ التكليفِ لطلبِ أَدَاءِ مَا تَقَرَّرَ بالأسبابِ والشروطِ والموانعِ، وَأَنَّهُ لاَ يَتَوَقَّفُ الوضعُ عَلَى الْعِلْمِ وَالْبُلُوغِ، فَإِنَّ القتلَ سَبَبٌ
1 / 162