343

Tashnīf al-masāmiʿ bijamʿ al-jawāmiʿ li-Tāj al-Dīn al-Subkī

تشنيف المسامع بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي

Editor

د سيد عبد العزيز - د عبد الله ربيع، المدرسان بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر

Publisher

مكتبة قرطبة للبحث العلمي وإحياء التراث

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م

Publisher Location

توزيع المكتبة المكية

Genres

والعُرْفِيَّةُ، وإلاَّ فهما مُسْتَعْمَلانِ في وَضْعٍ ثانٍ يَصُدُقُ عليه أنَّه وُضِعَ ابتداءً، ولم يَرِدْ بالوَضْعِ الوَضْعُ الأصْلِيُّ وهو اللُّغَوِيُّ، ولو أَرَادَهُ لاحْتاجَ إلى هذا القَيْدِ لا مَحَالَةَ، بل أَرَادَ بالوَضْعِ المُبْتَدَأِ بما يَكُونَ أولًا بالنِّسْبَةِ إلى الاصطلاحِ الذي يَقَعُ به التَّخَاطُبُ، لا مَا يَكُونُ أولًا باختيارِ اللُّغَةِ، فإنَّ الوَضْعَ الأوَّلَ أَعَمٌّ من الوَضِعِ باعتبارِ اللُّغَةِ، فلهذا اسْتُغْنِيَ عن قَيْدِ التَّخَاطُبِ، وقد ضَايَقَ الأَصْفَهَانِيُّ شَارِحَ (المحصولِ) في قيدِ الأَوَلِيَّةِ، وقالَ: إنَّه غيرُ محتاجٍ إليه، فإنَّه إنَّما احْتَرَزَ به عن المجازِ، ولا حاجَةَ إلى الاحترازِ فإنَّ لَفْظَةَ الوَضْعِ تُخْرِجُهُ؛ لأنَّ المجازَ إنْ قُلْنَا: إنَّه غيرُ موضوعٍ، فذاكَ، وإنْ قلنَا: موضوعٌ، فهو غيرُ الوَضْعِ المُعْتَبَرِ في الحقيقةِ، وهو استعمالُ العُرْفِ ذلك النَّوْعُ، لا استعمالَ آحادِ النَّوْعِ بخلافِ الوَضْعِ في الحقيقةِ، وزَادَ صاحبُ (المِنْهَاجِ) (مِن غيرِ تَاويلٍ في الوَضْعِ) ليَحْتَرِزَ به عن الاستعارَةِ، فإنَّها مُسْتَعْلَمَةٌ فيما وُضِعَتْ له ولَيْسَتْ بحقيقةٍ، لسَدِّهِ دَعْوَى المُسْتَعَارِ مَوْضُوعًا
للمُسْتَعَارِ له على ضَرْبٍ من التأويلِ.
ص: (وهي لُغَوِيَّةٌ، وعُرْفِيَّةٌ، وشَرْعِيَّةٌ).
ش: لأنَّ الحقيقةَ لا بُدَّ لها من وَضْعٍ، والوَضْعُ لا بُدَّ له من وَاضِعٍ، فوَاضِعُها إنْ كانَ وَاضِعُ اللُّغَةِ، فلُغَوِيَّةٌ كالأسدِ للحيوانِ المُفْتَرِسِ، أو الشَّرِعِ، فشَرْعِيَّةٌ، كالصَّلاةِ للعِبَادَةِ المَخْصُوصَةِ، أو العُرْفِ المُتَعَيَّنِ أو المُطْلَقِ، فعُرْفِيَّةٌ، فالعُرْفِيَّةُ المُطْلَقَةُ، كالدَّابَةِ لذواتِ الأَرْبَعِ، والخَاصِّ كاصطلاحِ النُّحَاةِ والأصوليِّينَ.
ووجْهُ الحَصْرِ أنَّ اللفظَ إنْ كانَ مَوْضُوعًا في أصْلِ اللُّغَةِ لمعنًى واسْتَمَرَّ من غيرِ طُرُوءِ نَاسِخٍ عليه، فهو الحقيقةُ اللُّغَوِيَّةُ، وإنْ طَرَأَ عليه نَاسِخٌ نَقَلَهُ إلى اصْطِلاحٍ آخَرَ، فإنْ كانَ النَّاقِلُ الشَّرْعَ، فهي الشَّرْعِيَّةُ، أو العُرْفَ، فهي العُرْفِيَّةُ، فثَبَتَ أنَّ اللُّغَوِيَّةَ أَصْلُ الكُلِّ.
وقد مَنَعَ الأَصْفَهَانِيُّ إِدْخَالَ الثلاثَةِ في حدٍّ واحدٍ من جِهَةِ اختلافِ معنَى الوَضْعِ فيها، فإنَّ الوَضْعَ في اللُّغَوِيَّةِ بمعنَى الاصطلاحِ، وهو تَعْلِيقُ لفظٍ بمعنًى.
وأمَّا في الشرعيَّةِ والعرْفيَّةِ، فليسَ

1 / 438