311

Tashnīf al-masāmiʿ bijamʿ al-jawāmiʿ li-Tāj al-Dīn al-Subkī

تشنيف المسامع بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي

Editor

د سيد عبد العزيز - د عبد الله ربيع، المدرسان بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر

Publisher

مكتبة قرطبة للبحث العلمي وإحياء التراث

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م

Publisher Location

توزيع المكتبة المكية

Genres

يُقَرِّرُهُ، ولم أَسْمَعْه من أَحَدٍ إلاَّ منهُ، وكانَ يقولُ: ما في البلادِ المصريَّةِ مَن يَعِرِفُه، وفَرَّقَ بينَ العَلَمَيْنِ، بأنَّ عَلَمَ التَّشَخُّصِ مَوْضوعٌ للحقيقَةِ بقَيْدِ التَّشَخُّصِ الخارجيِّ، وعَلَمَ الجِنْسِ مَوْضوعٌ للمَاهِيَّةِ بقَيْدِ التَّشَخُّصِ الذِّهْنِيِّ، وفَرَّقَ بينَ اسمِ الجِنْسِ وعَلَمِ الجِنْسِ بخصوصِ الصُّوَرِ الذِّهْنِيَّةِ، فإنْ وُضِعَ لها من حيثُ خُصُوصُها فهو عَلَمُ الجِنْسِ، أو من حيثُ عُمُومُها فاسمُ الجِنْسِ، وعلى هذا الفَرْقِ مَشَى المُصَنِّفُ، أنَّ اسمَ الجِنْسِ هو الموضوعُ للحقيقةِ الذِّهْنِيَّةِ من حيثُ هي، فـ (أَسَدٌ) موضوعٌ للحقيقةِ من غيرِ اعتبارِ قَيْدٍ مَعَهَا أَصْلًا، وعَلَمُ الجِنْسِ مَوْضوعٌ للحقيقةِ باعتبارِ حضورِها الذِّهْنِيِّ، الذي هو نَوْعُ تَشَخُّصٍ لها مع قَطْعِ النَّظَرِ عن أَفْرَادِها، ونَظِيرُه المُعَرَّفَةُ باللاَّمِ التي هي للحقيقةِ والماهِيَّةِ، فإنَّ الحقيقةَ الحاضِرَةُ في الذِّهْنِ وإنْ كانَتْ عامَّةٌ بالنسْبَةِ إلى أفرادِها، فهي باعتبارِ حُضُورِها فيه أَخَصٌّ من مُطْلَقِ الحقيقةِ، فإذا اسْتَحْضَرَ الواضِعُ صورةَ الأسَدِ، ليَضَعَ لها تلكَ الصورةَ الكائنَةَ في ذِهْنِه، جُزْئِيَّةً بالنسبَةِ إلى مُطْلَقٍ صورةِ الأسدِ، فإنَّ هذه الصورةَ واقِعَةٌ لهذا
الشَّخْصِ في زمانٍ، ومِثْلُها يَقَعُ في زمانٍ آخَرَ، وفي ذِهْنٍ آخَرَ والجميعُ مُشْتَرِكٌ في مُطْلَقِ صُورَةِ الأسَدِ، وفي كلامِ سِيبَوَيْهِ إشارةٌ إلى هذا الفَرْقِ، فإنَّه قالَ في بابِ تَرْجَمَتِه (هذا بابُ مِن المَعْرِفَةِ يكونُ الاسمُ الخاصُّ فيه شائعًا في أُمَّتِه، ليسَ واحدًا منها بأَوْلَى من الآخَرِ) ما نَصَّهُ: إذا قلتَ: هذا أَبُو الحَارِثَ، إنَّما تُرِيدُ هذا الأسدُ، أي: هذا الذي سَمِعْتَ باسْمِه لو عَرَفْتَ أشْبَاهَه، ولا تُرِيدُ أنْ تُشِيرَ إلى شيءٍ قد عَرَفْتَه كزيدٍ، ولكنَّه أَرَادَ هذا الذي كلَّ واحدٍ من أمَّتِه له هذا الاسمِ. انتهى.
فجَعَلَه بمَنْزِلَةِ المُعَرَّفِ باللاَّمِ التي للحقيقةِ، وقولًُه: (هذا) إشارَةٌ إلى شيءٍ بعَيْنِه، فصَارَ أُسَامَةُ يُغْنِي عن هذا، كما أنَّ زيدًا يُغْنِي عن قولِك: الرجُلُ المعروفِ بكذا وكذا، وكونُ أُسَامَةَ وَاقِعٌ على كلِّ أَسَدٍ إنَّما كانَ؛ لأنَّ التعريفَ فيه للحقيقةِ، وهي مَوْجُودَةٌ فيه كذا قَرَّرَهُ ابنُ عَمْرُونَ قالَ:

1 / 406