يَعْتَرِضُ على هذا المثالِ بأنَّ المُقَدِّمَتَيْنِ نَقْلِيَّتَانِ، وإذا تَرَكَّبَ الدليلُ من مقدمتَيْنِ نَقْلِيَّتَيْنِ لم يَصِحَّ أنْ يُقالَ: إنَّه مُرَكَّبٌ من العَقْلِ والنَّقْلِ، وإنَّما غايتُه أنَّ العَقْلَ تَفَطَّنَ لنَتِيجَتِهِمَا، وهذا مردودٌ، فإنَّ الدليلَ ليسَ مُرَكَّبًا من نَقْلِيَّتَيْنِ ضَرَورَةٌ عَدَمِ تَكَرُّرِ الحَدِّ الأوسْطِ فيهما، وإنَّما هو مُرَكَّبٌ من مُقَدِّمَةٍ نَقْلِيَّةٍ مَحْضَةٍ، وهي الاستثناءُ، إخْراجُ بعضِ ما يَتَنَاولُه اللفظُ، ومُقَدِّمَةٍ عَقْلِيَّةٍ لازمَةٍ لمُقَدِّمَةٍ أُخْرَى، وهي أنَّ كُلَّ ما دَخَلَه الاستثناءُ عامٌّ، لأنَّه لو لم يكنُ عامًا لم يَدْخُلِ المُسْتَثْنَى فيه، ثمَّ جُعِلَتْ هذه القضيةُ كُبْرَى للمُقَدِّمَةِ الأُخْرَى النَّقْلِيَّةِ، فصَارَ صُورَةُ الدليلِ هكذا: الجَمْعُ المُحَلَّى بألْ يَدْخُلُه الاستثناءُ، وكلُّ ما يَدْخُلُه الاستثناءُ عامٌّ، يَنْتُجُ أنَّ المُحَلَّى بألْ عَامٌّ.
ص: (ومَدْلُولُ اللفظِ إمَّا معنًى جُزْئِيٌّ أو كُلْيٌّ، أو لَفْظٌ مُفْرَدٌ مُسْتَعْمَلٌ، كالكَلِمَةِ فهي قَوْلٌ وُضِعَ لمَعنًى مُفْرَدٍ، أو مُهْمَلٍ كأسماءِ حروفِ الهَجاءِ، أو مُرَكَّبٌ).
ش: مدلولُ اللَفْظِ يَنْقَسِمُ إلى أقسامٍ؛ لأنَّ مدلولَه إمَّا معنًى أو لَفْظٌ، والأوَّلُ يَنْقَسِمُ إلى جُزْئِيٍّ وكُلُّيٍّ، لأنَّه إمَّا أنْ يَكُونَ المَعْنَى مُشْتَرِكًا بينَ الأفْرَادِ المَوْجُودَةِ أو المُتَوَهِّمَةِ، فهو الكُلُّيُّ كالإنسانِ والعنقاءِ أو لا يَكُونُ فهو الجُزْئِيُّ كزيدٍ.