بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ الامام العالم العلامة شيخُ النحاة والادباء جمالُ الدين ابوعبدالله محمد بن عبدالله ابن مالك الطائي الاندلسي الجياني مقيمُ دمشق ﵀ حامدًا لله رب العالمين. ومصليًا على محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين:
هذا كِتابٌ في النحو جعلتُه بعونِ الله مستوفيًا لأصولهِ مستوليًا على ابوابهِ وفصولهِ فسميتُهُ لذلك: تسهيلُ الفوائدِ وتكميلُ المقاصدِ " فهو جديرٌ بأن تلبي دعوته الالباء وتجتنب منابذته النجباء. ويعترف العارفون برشد المغرى
1 / 1
بتحصيله. وتأتلف قلوبهم على تقديمه وتفضيله. فليثق متأملُهُ ببلوغِ أمله وليتلقى بالقبول مايرد من قبله ولْيكن لحسن الظن آلفًا. ولدواعي الاستبعاد مخالفًا. فقلما خلي متحلٍ بالاستبعاد الابالخيبةِ والابعاد واذا كانت العلوم منحة الهية ومواهب اختصاصية فغير مستبعد أن يدخر لبعض المتاخرين ماعسُر على كثيرٍ من المتقدمين أعاذنا اللهُ مِنْ حَسَدٍ يسدّ باب الانصاف ويَصُد عن جميل الأوصاف وألهمنا شكرًا يقتضي توالي الآلاء ويقضي بانقضاء اللأواء. وها أنا ساعٍ فيما انتدبتُ اليه مستعينًا بالله عليه. ختم اللهُ لي ولقارئيه بالحُسنى. وحتم لي ولهم الحظ الاوفى في المقر الاسنى بمنه وكرمه. آمين.
1 / 2
باب
شرح الكلمة والكلام وما يتعلق به
الكلمةُ لفظٌ مستقل دالٌ بالوضع تحقيقًا أوتقديرًا اومنوي معه كذلك. وهي اسمٌ وفعلٌ وحرفٌ. والكلامُ ماتضمّن مِنَ الكلم اسنادًا مفيدا مقصودًا. لذاته. فالاسم كلمة يسند مالمعناها الى نفسها اونظيرها. والفعل كلمة تسند ابدًا. قابلة لعلامة فرعية المسند اليه. والحرف كلمة لاتقبل اسنادًا وضعيا بنفسها ولابنظيرٍ. ويعتبرُ الاسمُ بندائِهِ وتَنوينِهِ في غيرِ رَوِيِّ. وبتعريفه. وصلاحيته بلا تأويلٍ لاخبارٍ عنه. أواضافةٍ اليه. اوعودِ ضميرٍ عليه. اوابدال اسمٍ صريحٍ منه. وبالاخبار به مع مباشرة
1 / 3
الفعلِ. وبموافقة ثابت الاسميِّة في لفظ اومعنى دون معارض. وهولِعيْنٍ اومعنىً اسمًا أووصْفًا. ويُعتبرُ الفعلُ بتاءِ التانيثِ الساكنةِ ونونِ التوكيدِ الشائع. ولزومه مع ياء المتكلم نون الوقاية. وباتصاله بضميرِ الرفعِ البارز. واقسامُهُ: ماضٍ وامْرٌ ومُضارعٌ. فيُميزُ الماضي التاءُ المذكورةُ، والامرُ: معناهُ ونونُ التوكيدِ والمضارعَ: افتتاحُهُ بهمزةِ للمُتكلَّم مفردًا. أوبنونٍ له عظيمًا اومشاركًا. اوبتاء للمخاطب مطلقًا. وللغائبة والغائبتين. اوبياء للمذكر الغائب مطلقًا. والغائبات والامرُ مستقبلٌ ابدًا. والمضارعُ صالحٌ له وللحال. ولو نفي بـ "لا" خلافًا لمن خصها
1 / 4
بمستقبل ويترجح الحال مع التجريد. ويتعين عند الاكثر بمصاحبة " الآن " ومافي معناه. وبلام الابتداء ونفيه بليس و"ما " و"إن " وتخلص للاستقبال بظرف مستقبل. وباسناده الى متوقع وباقتضاءه طلبًا اووعدًا. وبمصاحبة ناصب اواداة ترجٍ أواشفاق أومجازاة أو " لو" المصدرية اونون التوكيد اوحرف تنفيس وهو السين أو"سوف" او"سو" او " سف" او " سى " وينصرف الى المضي بلم و"لما" الجازمة و"لو" الشرطية غالبًا. وبـ " إذْ " و"ربما" و"قد" في بعض المواضع. وينصرف الماضي الى الحال بالانشاء. والى الاستقبال بالطلب والوعد. وبالعطف على ماعلم استقباله. وبالنفي بـ "لا"
1 / 5
و"إن" بعدَ القَسمِ. ويَحتمل المُضيَّ والاستقبالَ بعْد همزةِ التسويةِ وحَرْف التحضيض. وكُلما وحيثُ وبكونه صلةً أوصفةً لنكرةٍ عامةٍ.
1 / 6
باب
اعراب الصحيح الاخر
الاعرابُ: ماجِئ بهِ لبيان مُقتضى العامل منْ حركةٍ. أوحرف أوسكونٍ أوحذفٍ. وهو في الاسم اصلٌ لوجوب قبوله بصيغةٍ واحدةٍ معاني مختلفة والفعل والحرف ليسا كذلك فبُنيا الا المضارع فانه شابه الاسمَ بجوازِ شَبهِ ماوجب له. فأعرب مالم يتصل به نونُ توكيدٍ أو إناثٍ. ويمنعُ اعرابَ الاسم مشابهةُ الحرفِ بلامعارض. والسلامةُ منها تمكنٌ.
وانواعُ الاعرابِ: رفعٌ ونصبٌ وجرٌ وجزمٌ.
1 / 7
وخُص الجرُ بالاسم لان عامله لايستقل فيحمل غيرهُ عليه بِخلاف الرفعِ والنصبِ. وخُصَّ الجزمُ بالفعلِ لكونِهِ فيه كالعوض مِنَ الجرِّ. والاعراب بالحركة والسكون اصلٌ وينوبُ عنهما الحرفُ والحذفُ. فارفع بضمةٍ وانصب بفتحةٍ وجُرَّ بكسرة واجزم بسكون إلافي مواضع النيابة. وتنوب الفتحةُ عن الكسرة في جر مالاينصرف إلا أن يضاف اويصحب الالف واللام أوبدلها، والكسرةُ عن الفتحة في نصب “اولات” والجمعُ بزيادةِ الفٍ وتاءٍ وإن سُمِّي به فكذلك. والأعرفُ حينئذٍ بقاءُ تنوينه وقد يُجعل كأرطاة علمًا. وتنوبُ الواوُ عن الضمة والالفُ عن الفتحة. والياءُ عن الكسرة فيما أضيف الى غير ياء المتكلم من: أب واخ وحمو. غير مماثل: قرْوًَا وقُرءًا وخطأ. وفم بلاميم وفي ذي بمعنى: صاحب والتزامُ نقص هَنٍ أعْرف
1 / 8
من الحاقه بهنَّ. وقد تشدد نونه وخاءُ أخ وباء أب. وقد يُقال أخْوٌ. وقد يُقصر حَمٌ، وهما. أويلزمها النقص كيَدٍ ودَمٍ. وربما قصرًا. أوضُعِّف دمٌ وقد يثلث فاء فم منقوصًا اومقصورًا أويضعف مفتوح الفاء اومضمومها اويتبع فاؤه حرف اعرابه في الحركات كما فعل بفاء امرء وعيني امرئ وابنم ونحوهما فوك واخوانه على الاصح وربما قيل “فا” دون اضافةٍ صريحةٍ نصبًا. ولايُخصُّ بالضرورة نحو: يصبح ظمآن وفي البحر فمه. خلافًا لابي علي. وتنوب النونُ عن الضمة في فعل اتصل به الف اثنين اوواو جمع اوياء مخاطبةٍ مكسورةٍ بعدالالف غالبًا مفتوحةٌ بعد اختيها. وليست دليل الاعراب خلافًا للاخفش.
1 / 9
وتُحذفَ جَزْمًا ونصبًا ولنون التوكيد. وقد تُحذفُ لنون الوقاية اوتُدغم فيها. ونَدرَ حذفُها مفردة في الرفع نظمًا ونثرًا. وماجئ به لالبيان مقتضى العامل من شبه الاعراب وليس حكاية اواتباعًا اونقلًا اوتخلصًا من سكونين فهو بناء. وانواعه ضم وفتح وكسر ووقف.
1 / 10
باب
اعراب المعتل الاخر
يظهر الاعراب بالحركة والسكون اويقدر في حرفه وهو اخر المعرب فان كان الفًا قدر فيه غير الجزم وان كان ياءً اوواوًا يشبهانه قدر فيهما الرفع وفي الياء الجر وينوب حذف الثلاثة عن السكون الا في الضرورة فيقدر لاجلها جزمها ويظهر لاجلها جر الياء ورفع الواو ويقدر لاجلها كثيرًا وفي السعة قليلًا نصبهما ورفع الحرف الصحيح وجره وربما قدر جزم الياء في السعة.
1 / 11
باب
اعراب المثنى والمجموع على حده
التثنيةُ جَعْلُ الاسمِ القابلِ دليلَ اثنين متفقين في اللفظ غالبًا وفي المعنى على رأي بزيادة الف في اخره رفعًا وياء مفتوح ماقبلها جرًا ونصبًا. تليهما نون مكسورة فتحها لغة. وقد تضم وتسقط للاضافة أوللضرورة أولتقصير صلة ولزوم الالف لغة حارثية. وما اعرب اعراب المثنى مخالفًا لمعناه أوغير صالح للتجريد وعطف مثله عليه. فلحق به وكذا "كلا وكلتا" مضافين الى مضمر. ومطلقًا على لغة كنانة، ولايُغني العطف عن التثنية دون شذوذ اواضطرارًا الامع قصد التكثير. اوفصل ظاهر اومقدر. والجمع جعل الاسم القابل دليل مافوق اثنين كما سبق
1 / 12
بتغييرٍ ظاهرٍ اومقدرٍ وهو التكسير أوبزيادة في الاخر مقدر انفصالها لغير تعويض وهوالتصحيح فان كان لمذكر فالمزيد في الرفع واوٌ بعد ضمة. وفي الجر والنصب ياء بعد كسرة تليهما نون مفتوحة تكسر ضرورةً وتسقط للاضافة. اوللضرورة اولتقصير صلة. وربما سقطت اختيارًا قبل لام ساكنة غالبًا. وليس الاعراب انقلاب الالف والواو ياءً ولامقدرًا في الثلاثة ولامدلولًا بها عليه مقدرًا في متلوها ولاالنون عوضًا من حركة الواحد ولامن تنوينه ولامنهما. ولامن تنوينين فصاعدًا. خلافًا لزاعمي ذلك. بل الاحرف الثلاثة اعراب والنون لرفع توهم الاضافة اوالافراد. وان كان التصحيح بمؤنث اومحمول عليه فالمزيد الف وتاء. وتصحيح المذكر نشروط بالخلو من تاء التانيث المغايرة لما في نحو: عِدة وثُبة علمين. ومن اعراب بحرفين ونم تركيب اسناد اومزج وبكونه لمن يعقل اومشبه
1 / 13
علمًا اومصغرًا أوصفة تقبل تاء التانيث ان قصد معناه خلافًا للكوفيين في الاول والاخر. وكون العقل لبعض مثنى اومجموع كافٍ وكذا التذكير مع اتحاد المادة وشذّ ضَبُعان في ضبُع وضِبعان. وما اعرب مثل هذا الجمع غير مستوف للشروط فمسموع كـ “ نحنُ الوارثون “ واولى وعليين وعالمين واهلين وارضين وعشرين الى تسعين. وشاع هذا الاستعمال فيما لم يكسّر من المعوض من لامه هاء التأنيث بسلامة في المكسورها. وبكسر المفتوحها وبالوجهين في المضمومها. وربما نال هذا الاستعمال ماكُسّر نحو: رقة واحرة وأضاة.
1 / 14
وقد يجعل اعراب المعتل اللام في النون منونة غالبًا ولاتسقطها الاضافة. وتلزمه الياء وينصب كائنًا بالالف. والتاء بالفتحة على لغة. مالم يرد اليه المحذوف وليس الوارد من ذلك واحدًا مردود اللام خلافًا لأبي علي،
1 / 15
باب
كيفية التثنية وجمعي التصحيح
الاسم الذي حرف اعرابه الف لازمة مقصورٌ. فان كان ياءً لازمة تلي كسرة فنمقوص وإن كان همزة تلي الفًا زائدة فممدود.
فإذا ثني غير المقصور والممدود الذي همزته بدل من اصل او زائدة لحقت العلامة دون تغيير ما لم تنب عن تثنيته تثنية غيره.
واذا ثني المقصورُ قُلِبتْ الفه " واوًا " إن كانت ثالثة بدلًا منها او أصلًا أو مجهولة ولم تُمَلْ و" ياءً " إن كانت بخلاف ذلك، لا إن كانت ثالثة واويٍّ مكسور الاول أو مضمومه خلافا للكسائي، والياء في رأي أوْلى بالاصل والمجهولةُ مطلقًا.
1 / 16
وتُبدل واوًا همزةُ الممدود المُبْدلة من ألفِ التأنيثِ ورُبّما صُحِّحتْ أو قُلبت ياءً وربما قُلبت الاصليةُ واوًا. وفِعْلُ ذلك بالملحقة أوْلى مِنْ تصحيحها، والمُبدلةُ من أصل بالعكس وقد تقلب ياءً، ولا يُقاس عليه خلافًا للكسائي.
وصَحّحوا مِذْرَوَين وثِنايَيْن تصحيح شَقَاوَة وسِقاية للزوم عَلَمَي التثنية والتأنيث وحكم ما الحق به علامة جمع التصحيح القياسية حكم ما الحق به علامة التثنية؛ الا أن آخر المقصور والمنقوص يُحذف في جمع التذكير، وتلي علامتاه فتحة المقصور مطلقًا؛ خلافًا للكوفيين في إلحاق ذي الالف الزائدة بالمنقوص. وربما حذفت خامسة فصاعدا في التثنية والجمع بالالف والتاء، وكذا الالف والهمزة من قاصعاء ونحوه، ولا يقاس على ذلك؛ خلافا للكوفيين.
وتُحذف تاءُ التأنيث عند تصحيح ما هي فيه؛ فيعامل معاملة مؤنث عارٍ منها لو صُحِّح،
1 / 17
ويُقال في المراد به مَنْ يعقل مِنْ: ابن وأب واخ وهَن وذي: بنون وأخون وهَنون وذوو، وفي بنت وابنة وأخت وهنت وذات: بنات وأخوات وهنات وهنوات وذوات؛ وامهات في الام من الناس اكثر من امات وغيرها بالعكس. والمؤنث بهاء او مجردا ثلاثيا صحيح العين ساكنة غير مضعفة، ولا صفة تتبع عينه فاءه في الحركة مطلقا، وتفتح وتسكن بعد الضمة والكسرة، وتمنع الضمة قبل الياء والكسرة قبل الواو باتفاق وقبل الياء بخلف، ومطلقا عند الفراء فيما لم يسمع. وشذ جروات والتزم فعلات في لجبة؛ وغلب في ربعة؛ لقول بعضهم: لجبة وربعة؛ ولا يقاس على ما ندر من كهلات خلافا لقطرب. ويسوغ في لجبة القياس، وفاقا لأبي العباس، ولا يقال فعلات اختيارا فيما استحق فعلات الا لاعتلال اللام او
1 / 18
سبه الصفة. وتفتح هذيل عين جوزات وبيضات ونحوهما واتفق على عيرات شذوذًا.
فصل:
يُتَمُّ في التثنية من المحذوفِ اللامِ ما يُتم في الاضافة لا غير، ورُبَّما قيل: أبان وأخان ويَدَيان ودَمَيان ودَمَوان وفميان وفموان. وقالوا في ذات: ذاتا على اللفظ وذواتا على الأصل. ويثنى اسم الجمع والمكسر بغير زنة منتهاه. ... ويختار في المضافين لفظًا أو معنى الى مُتضمِّنيهما لفظُ الافراد على لفظ التثنية ولفظُ الجمعِ على لفظِ الافرادِ، فإن فُرِّق متضمناهما اختير الافراد، وربما جُمِع المنفصلان إن أُمن اللبسُ، ويُقاس عليه وفاقًا للفراء. ومطابقةُ ما لهذا الجمْع لمعناه أو لفظه جائزةٌ.
ويعاقب الافرادُ التثنيةَ في كل اثنين لا يغني احدهما عن الاخر. وربما تعاقبا مطلقا، وقد يقع افعلا ونحوه موقع افعل ونحوه. وقد تقدر تسمية جزء باسم كل، فيقع الجمع موقع واحد او مثناه.
1 / 19
فصل:
يُجمع بالالف والتاء قياسًا ذو تاء التأنيث مطلقًا، وعَلَمُ المؤنث مطلقًا، وصفة المذكر الذي لا يعقل، ومصغره، واسم الجنس المؤنث بالالف ان لم يكن فعلى فعلان او فعلاء افعل غير منقولين الى الاسمية حقيقة او حكما وما سوى ذلك مقصور على السماع.
1 / 20