وقال مهنّأ بن يحيى الشَّامي: رأيت أحمد بن حنبل قُدَّام سفيان وقُدَّام عبد الرزاق، فقلت: تراهم يَدْرُون مَنْ عندهم - أي من فضله -؟.
وقال قتيبة بن سعيد: قدمت بغدادَ وما كان لي همَّة إلَّا أن ألقى أحمد بن حنبل، فإذا هو قد جاءني مع يحيى بن معين، فتذاكرنا، فقام أحمد بن حنبل وجلس بين يديَّ وقال: أَمْلِ عليَّ هذا، ثم تذاكرنا فقام أيضًا وجلس بين يدي، فقلت: يا أبا عبد الله اجلس مكانَك. فقال: إنما أريد أن آخذ العلمَ على وجهه.
وقال خلف: جاءني أحمد بن حنبل يسمع حديث أبي عوانة، فاجتهدت أن أرفعه، فأبى وقال: لا أجلس إلا بين يديك، أمرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه.
وأمَّا إقباله على العلم واشتغاله به:
فكان ﵀ شديد الإِقبال على طلب العلم، سافر في طلبه السَّفر البعيد، ووفَّر على تحصيله الزَّمان الطويل، ولم يتشاغل بكسب ولا نكاح حتى بلغ منه ما أراد.
قال ﵀: ما تزوجت إلا بعد الأربعين. وقال أيضًا: نحن كتبنا الحديث من ستة وجوه، من سبعة وجوه، ولم نضبطه؛ كيف يضبطه من كَتَبَه من وجه واحد؟.