58

Tashih Fasih

تصحيح الفصيح وشرحه

Investigator

د. محمد بدوي المختون

Publisher

المجلس الأعلى للشئون الإسلامية [القاهرة]

كما جاء في الحديث: "إن المسجد لينزوي من النخامة، كما تنزوي الجلدة في النار". أي تتقبض وتتجمع. ومنه سميت الزاوية. والعامة تقول: أزويته، وإنما الصواب: زويته، أزويه، فأنا زاو، والمفعول: مزوي. ومنه قولهم: زوى الرجل ماله عن ورثته زيا، إذا عدل به عنهم إلى غيرهم. والفقهاء يقولون: أزوى ماله، ويسمونه: الإزواء، وهو خطأ، كأنهم غلطوا فيه؛ لقولهم: ألجأ ماله، وهو الإلجاء. وقال الأعشىى: يزيد يغض الطرف دوني كأنما زوى بين عينيه على المحاجم/ فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى ولا تلقني، إلا وأنفك راغم وأما قوله: بردت عيني أبردها، فمعناه: كحلتها بالبرود، وهو كحل بارد، قال وكذلك يقال: برد لماء حررة جوفي. وإنما ذكرها؛ لأن العامة تقول: أبردت بالألف. والعرب لا تقوله كذلك. وهو من نوادر الكلام، الخارجة عن القياس لأنك تقول: بَرَدته أنا فبرد هو، فهما فعلان، لمعنيين مختلفين، على مثال واحد وقد بينا من ذلك ما يغني عن الإعادة. وأنشد ثعلب بيت مالك بن الريب: وعطل قلوصي في الركاب فإنها ستبرد أكبادًا وتبكي بواكيا ومثله قول الراهب المكي: إذا وجدت أوار الحب في كبدي بادرت نحو سقاء القوم أبترد هذا بردت ببرد الماء ظاهره فمن لحر لدى الأحشاء يتقد

1 / 87