Tasdīd al-iṣāba fīmā shajara bayna al-ṣaḥāba
تسديد الإصابة فيما شجر بين الصحابة
Publisher
مكتبة المورد
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٢٥ هـ
Genres
وقَدْ وَضَّحَ حَقِيْقَةَ هَذِهِ المُؤَامَرَةِ العَلاَّمَةُ ابْنُ حَزْمٍ، وشَيْخُ الإسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُمَا اللهُ، وغَيْرُهُمَا مِنَ المُحَقِّقِيْنَ مِنْ أهْلِ العِلْمِ.
* * *
قَالَ أبُوْ مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ ﵀: «وأمَّا أهْلُ الجَمَلَ فَمَا قَصَدُوا قَطُّ قِتَالَ عَلِيٍّ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ، ولا قَصَدَ عَلِيٌّ رِضْوَانُ اللهِ علَيْهِ قِتَالَهُم، وإنَّمَا اجْتَمَعُوا بالبَصْرَةِ لِلنَّظَرِ في قَتَلَةِ عُثْمَانَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ، وإقَامَةِ حَقِّ اللهِ تعَالى فِيْهِم.
وتَسَرَّعَ الخَائِفُوْنَ عَلَى أنفُسِهِم أخْذُ حَدِّ اللهِ تَعَالى مِنْهُم، وكَانُوْا أعْدَادًا عَظِيْمَةً يَقْرُبُوْنَ مِنَ الأُلُوْفِ، فأثَارُوا القِتَالَ خِفْيَةً حتَّى اضْطَرَّ كُلُّ واحِدٍ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ إلى الدِّفَاعِ عَنْ أنْفُسِهِم إذْ رَأوْا السَّيْفَ قَدْ خَالَطَهُم» (١).
* * *
وقَالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ ﵀: «لَم يَكُنْ يَوْمَ الجَمَلِ لِهَؤلاءِ (الصَّحَابَةِ) قَصْدٌ في القِتَالِ، ولَكِنْ وَقَعَ الاقْتِتَالُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِم، فإنَّهُ لمَّا تَرَاسَلَ عَلِيٌّ وطَلْحَةُ والزُّبَيْرُ وقَصَدُوا الاتِّفَاقَ على المَصْلَحَةِ، وأنَّهُم إذَا تَمَكَّنُوا طَلَبُوا قتَلَةَ عُثْمَانَ أهْلَ الفِتْنَةِ، وكان عَلِيٌّ غَيِرَ رَاضٍ بِقَتْلِ عُثْمَانَ، ولا مُعِيْنَ عَلَيْهِ كَمَا كاَنَ يَحْلِفُ، فَيَقُوْلُ: «واللهُ ما
(١) «الإحْكَامُ في أُصُوْلِ الأحْكَامِ» لابنِ حَزْمٍ (٢/ ٨٥).
1 / 57