وما الثلج في تحقيقنا غير مائه
وغيران في حكم دعته الشرائع
ولكن بذوب الثلج يرفع حكمه
ويوضع حكم الماء والأمر واقع
تجمعت الأضداد في واحد البها
وفيه تلاشت وهو عنهن ساطع
9
فالجيلي مثل العالم بالثلج، ومثل الحق تعالى بالماء، وليس إلا الماء، والثلجية طارئة، فليس إلا الحق والخلقية عارية ... وكما لا تحيط العقول والأفكار بحقيقة ذاته وأسمائه وصفاته فكذلك لا تحيط بكيفية ظهوره في مظاهره وتجلياته التي هي شئون ذاته، فهي أدق وأرفع من أن تدرك لغيره ... وظهور الحق بذاته في مظاهر أسمائه وصفاته أولى وأجدر في الحيرة وعدم الاهتداء إلى معرفة الحقيقة من ظهور صورة في مرآة، فإن الناظر في المرآة يعلم قطعا أنه أدرك صورته بوجه، ويعلم قطعا أنه ما أدركها بوجه، لما يظهر له من دقة صورته لصغر المرآة، والحال أنه محقق كبر صورته عما شاهده، أو لما يرى من كبر وجهه لكبر المرآة مع قطعه بصغر صورته، فلا يمكنه إنكار رؤية صورته، ويعلم أنه ليست في المرآة صورته، ولا هي بينه وبين المرآة، ولا هي مرئية بانعكاس شعاع البصر إلى الصورة، إذ لو كان كذلك لرآها على حد ما هي عليه في الخارج، مع علمه بأنه رأى صورته من غير شك، فإذا أخبر بعد ذلك بأنه رأى صورته وما رأى صورته فلا شك أنه ليس بصادق ولا بكاذب، إذ يقال: ما هي تلك الصورة؟ وأين محلها؟ وما شأنها؟ فإذن هي منفية ثابتة، موجودة معدومة، مجهولة معلومة، فلم يهتد الناظر في المرآة إلى معرفة حقيقة صورته الظاهرة فيها وهي من العالم المحسوس ... فهو إذن في معرفة تجليات الحق وظهوره في مظاهره أشد عجزا وجهلا.
10
ولكن متى يصل المرء إلى الفهم الحق لوحدة الوجود؟
Unknown page