184

Tasawwuf

التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق

Genres

أنت إلى حلمه إذا أطعته، أحوج منك إلى حلمه إذا عصيته.

23

ويجعل الله صاحب الفضل المطلق فيقول:

لو أنك لا تصل إليه إلا بعد فناء مساويك، ومحو دعاويك، لم تصل إليه أبدا ، ولكن إذا أراد أن يوصلك إليه غطى وصفك بوصفه، ونعتك بنعته، فوصلك إليه بما منه إليك، لا بما منك إليه.

24

والحق أن في كلام ابن عطاء الله تعابير كثيرة تؤذن بالحلول، ولكنه يثب فجأة فيشهد لله بالوحدانية المنفصلة عن سائر الأكوان، كأن يقول:

الأكوان ثابتة بإثباته، وممحوة بأحدية ذاته.

على أن هذه الكلمة نفسها تدل على أنه يدفع تهمة الحلول، كأنه يظن أن الشبهة قائمة، شبهة اتصال الموجد بالموجود، وامتزاج الخالق بالمخلوق، وهي شبهة تقوى في بعض الأنفس، في بعض الأحوال، تقوى حين تصفو النفس، وحين تشهد من الجمال والجلال ما يعسر إضافته إلى الموجودات الفانية، وإلا فمن ذا الذي يصدق أن البحر في ظلمات الليل خال من معاني الألوهية؟ ومن ذا الذي يصدق أن هذا الوجود المربوط برباط الكهرباء خال في تماسكه من النفحات الربانية؟

القبض والبسط

إن مذهب الحلول لا ينهدم أمام العقل إلا حين نفكر في أصاغر الموجودات وصغائر الناس، ولكن من يدري؟ فقد يثبت يوما أننا مخطئون في تقدير حقائق الأشياء، وتقويم طباع الناس، قد يثبت يوما أن العمل الحقير لا يقل نفعا في تماسك الوجود عن العمل الجليل، أم يثبت أن العالم يشكو النقص في سم بعض الحيات؟ ألم يتمن الأطباء لو أمكن الإكثار من «الكوبرا»؛ لينفع سمها في شفاء السرطان؟ ألم تصل إلى أذنك كلمة من عدو حقود فتكون على قذارتها بعثا لهمتك الغافية، وتنقلك من حال إلى حال؟

Unknown page