170

Tasawwuf

التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق

Genres

وفي كلام الرسول وأحاديث الأنبياء شيء كثير من أمثال هذه الأوصاف والتشبيهات، وهو كما قلنا أساس ما وصفت به الدنيا من الأخيلة الأدبية في كلام الصوفية.

الدنيا في كلام المسيح

وللصوفية في وصف الدنيا صور مختلفة، منها الموجز، ومنها المفصل، وهي كلها ترجع إلى معنى واحد: هو وصف الدنيا بالنضرة وكثرة التقلب وسرعة الزوال.

فمن الصور الموجزة قول يونس بن عبد الأعلى: ما شبهت الدنيا إلا برجل نام فرأى في منامه ما يكره وما يحب، فبينما هو كذلك انتبه.

3

وقول ابن القيم: «أشبه الأشياء بالدنيا الظل، تحسب له حقيقة ثابتة وهو في تقلص وانقباض، تتبعه لتدركه فلا تلحقه»، وقوله: «وأشبه الأشياء بها السراب، يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا»، وقوله: «وأشبه الأشياء بها المنام يرى فيه العبد ما يحب وما يكره فإذا استيقظ علم أن ذلك لا حقيقة له».

4

وقوله: «وأشبه الأشياء بها عجوز شوهاء قبيحة المنظر والمخبر، غدارة بالأزواج، تزينت للخطاب بكل زينة، وسترت كل قبح»، وما حدث عوف عن أبي العلاء: «رأيت في النوم عجوزا كبيرة عليها من كل زينة الدنيا، والناس عكوف عليها متعجبون ينظرون إليها، فجئت فنظرت وقلت: ويلك من أنت؟ قالت: أما تعرفني؟ قلت لا: قالت: أنا الدنيا». وما قال الفضيل: «بلغني أن رجلا عرج بروحه قال: فإذا امرأة على قارعة الطريق عليها من كل زينة الحلي والثياب، وإذا هي لا يمر بها أحد إلا جرحته، وإذا هي أدبرت كانت أحس شيء رآه الناس، وإذا أقبلت أقبح شيء: عجوز شمطاء زرقاء عمشاء، فقلت: أعوذ بالله! قالت: لا والله لا يعيذك الله حتى تبغض الدرهم! قال: من أنت؟ قالت: أنا الدنيا».

5

قال ابن القيم: «ومثلت الدنيا بمنام، والعيش فيها بالحلم، والموت باليقظة، ومثلت بمزرعة، والعمل فيها بالبذر، والحصاد يوم المعاد. ومثلت بدار لها بابان: باب يدخل منه الناس وباب يخرجون منه، ومثلت بحية ناعمة الملمس، حسنة اللون، وضربتها الموت. ومثلت بطعام مسموم، لذيذ الطعم، طيب الرائحة، من تناول منه بقدر حاجته كان فيه شفاؤه، ومن زاد على حاجته كان فيه حتفه. ومثلت بالطعام في المعدة، إذا أخذت الأعضاء منه حاجتها فحبسه قاتل أو مؤذ، ولا راحة لصاحبه إلا في خروجه. ومثلت بامرأة من أقبح النساء قد انتقبت على عينين فتنت بهما الناس، وهي تدعو الناس إلى منزلها، فإن أجابوها كشفت لهم عن منظرها وذبحتهم بسكاكينها وألقتهم في الحفر».

Unknown page