Tasawwuf Wa Imam Shacrani
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Genres
وهبه الله ومن عليه فكان كما صاغته عناية الله ورحمته، وكان أينما شرع قلمه تحف به الهبات والمنن؛ فيأتي كلمه زخارا باليقين والهدى.
جاء مكافحا مصلحا، وزعيما قائدا، ومرشدا هاديا، فتمثلت فيه خصائص تلك الصفات، فكان كما لقب: أبا المواهب.
حرر التصوف من الأساطير والبدع، وجلاه محمديا قرآنيا، كما أراده الله لعباده، قوة روحية محلقة في الأفق الأعلى.
وحرر الفقه من جموده وتزمته، فكان الأصولي الألمعي الذي مزج الفقه بحرارة الإيمان، فأنقذه من الجفوة والجفاف، وحببه إلى الجماهير يوم جعله لا مجرد أحكام شرعية فحسب، بل حقائق روحية مشرقة.
وحرر علم الكلام - التوحيد - من نزوات المجسدين، وأهواء المجادلين، وأعاده إلى نوره ورونقه الإيماني الذي عرفه واهتدى به الصدر الأول والتابعون.
وأنقذ الأمة الإسلامية من الجدل والحوار والجري وراء الأوهام والخيالات، وردها إلى النبع الصافي والعمل الخالص لوجه الله.
ولم ينسه جهاده الديني زعامته الشعبية، فكان المصلح الاجتماعي المدافع عن الفقير والمسكين والضعيف، القائم في وجه الولاة والحكام يرفع كلمة الحق، وينتزع حقوق الضعفاء من الأقوياء.
ووقفت الدنيا في عهده ترقب كلمة من فيه، أو إشارة من يده، فهو الملجأ والملاذ للمظلوم ينشد حقا، وللظالم يطلب رحمة، وهو المرشد الهادي إلى حقائق الإيمان، ولطائف العقائد، ومشكلات الفكر والحياة، وهو الزعيم الحبيب الذي إذا غضب اضطربت لغضبه قلوب الملايين.
وهو - بعد هذا وذاك - مؤرخ التصوف والمتصوفة، وخليفة الغزالي الأوحد على الجوانب الأخلاقية والاجتماعية والتعبدية في الإسلام، والمدافع الأكبر عن الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي، فيلسوف التصوف العبقري، ومحيي عالم الزوايا التي يعمرها القرآن، والتي يسمع فيها ذكر الله آناء الليل وأطراف النهار.
وقد روي عن النبي - صلوات الله عليه وسلامه عليه - عن ربه - عز وجل - في الحديث القدسي: «إن أوليائي من عبادي الذين يذكرون بذكري، وأذكر بذكرهم.»
Unknown page