ولعله قصد بهذه الكتب إلى غاية عملية كانت سائدة في الكتب الدينية وغيرها، وأقصد بذلك تسهيل عملية الحفظ على الطلاب.
وقد وقفت في مقدمة تفسير ابن جزي، على فصل عقده لذكر "الكلمات التي يكثر دورها في القرآن، أو تقع في موضعين فأكثر من الأسماء، والأفعال والحروف". فعلل أسباب جمعه لتلك الكلمات، وجعل من بينها حرصه على أن يلم المطلع على كتابه بتفسيرها، وأن يكون حفظه لها مجموعة أسهل عليه.
كذلك ورد في مقدمة كتاب النيسابوري في الوجوه والنظائر قوله: "ورتبته على حروف التهجي ليسهل على الباحث طلبها (يعني الأبواب) وعلى التحفظ (هكذا) حفظها".
وربما اعتبرنا ما أورده ابن جزي أيضًا سببا آخر للتأليف في هذا الفن. فقد اعتبر أنه من بين البواعث على الخلاف بين المفسرين، "اشتراك اللفظ بين معنيين فأكثر". فيكون ضبط معاني اللفظ القرآني الواحد، في مواضعه المختلفة داعيا إلى الحد من ذلك الخلاف.
هذه الأسباب عموما، هي التي نجدها أصلا للتأليف في بقية العلوم القرآنية. والمتعلقة باللفظ القرآني خاصة، مثل كتب الغريب، وكتب المتشابه، وكتب مبهمات القرآن وغيرها.
والهدف منها جميعا مزيد الاهتمام بالنص القرآني ضبطا، وحفظا.
وقد ذكرت المصادر حديثا يروونه عن أبي الدرداء فيه حث على تعليم وجوه القرآن وهذ نصه: "لا يكون الرجل فقيها كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة".
واتفقت المصادر على أن الذي أورد هذا الحديث مقاتل بن سليمان في كتابه في نظائر القرآن. وهذا الحديث لم نقف عليه في كتب الصحاح. إنما أورده ابن سعد في طبقاته
1 / 26