باب بيان الحجة بإجماع أهل المدينة
فيما هو وتحقيق مذهب مالك
اعلموا أكرمكم الله أن جميع أرباب المذاهب من الفقهاء والمتكلمين وأصحاب الأثر والنظر إلب واحد على أصحابنا على هذه المسألة مخطئون لما فيها بزعمهم، محتجون علينا بما سنح لهم حتى تجاوز بعضهم حد التعصب والتشنيع إلى الطعن في المدينة وعد مثالبها وهم يتكلمون في غير موضع خلاف، فمنهم لم يتصور المسألة ولا تحقق مذهبنا فتكلموا فيها على تخمين وحدس، ومنهم من أخذ الكلام فيها ممن لم يحققه عنا، ومنهم من أطالها وأضاف إلينا ما لا نقوله فيها، كما فعل الصيرفي والمحاملي والغزالي، فأوردوا عنا في المسألة ما لا نقوله واحتجوا علينا بما يحتج به على الطاعنين على الإجماع وها أنا أفصل الكلام فيها تفصيلًا لا يجد المنصف إلى جحده بعد تحقيقه سبيلًا وأبين موضع الاتفاق فيه والخلاف إن شاء الله تعالى.
فاعلموا أن إجماع أهل المدينة على ضربين، ضرب من طريق النقل والحكاية الذي تؤثره الكافة عن الكافة وعملت به عملًا لا يخفى ونقله الجمهور عن الجمهور عن زمن النبي ﷺ، وهذا الضرب منقسم على أربعة أنواع،
1 / 47