وفض حلق المخالفين واستقر المذهب بعده في أصحابه فشاع في تلك الأقطار إلى وقتنا هذا، وكان بالقيروان قوم قلة في القديم أخذوا بمذهب الشافعي ودخلها شيء من مذهب داوود، ولكن الغالب إذ ذاك مذهب المدينة والكوفة، وكان الظهور في دولة بني عبيد لمذهب الكوفيين لموافقتهم إياهم في مسألة التفضيل، فكان فيهم القضاء والرئاسة وتشرق قومهم منهم لمسرتهم واصطيادًا لدنياهم وأخرجوا أضغاثهم عن المدنيين فجرت على المالكية في تلك المدة محن، ولكنهم مع ذلك كثير.
والعامة تقتدي بهم والناشىء فيهم ظاهر إلى أن ضعفت دولة بني عبيد بها، من لدن فتنة أبي يزيد الخارجي فظفروا وأفشوا علمهم وصنفوا المصنفات الجليلة وقدم منهم جلة طار ذكرهم بأقطار الأرض ولم يزل ألأمر على ذلك إلى خربت القيروان.
وأهلها وجهاتها وسائر بلاد المغرب مطبقة على هذا المذهب، مجمعة عليه، لا يعرف لغيره قائم.
وأما أهل الأندلس فكان رأيها مذ فتحت على رأي الزاعي، إلى أن رحل إلى مالك زياد بن عبد الرحمن وقرعوس بن العباس والغازي ابن قيس ومن بعدهم بعلمه وأبانوا للناس فضله واقتداء
1 / 26