Tariq Ikhwan Safa
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
Genres
وقد بينا أنها اثنتا عشرة خصلة يعتقدها الأنبياء وأصحاب النواميس الإلهية أجمعون لا يختلفون فيها، كما بينا في رسالة النواميس.
وأما الشرائع التي هي أوامر ونواه وأحكام وحدود وسنن. فهم فيها مختلفون، كما قال تعالى: ... لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ...
29
وقال:
لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه ... .
30
ثم اعلم أن اختلاف الشرائع ليس بضار إذا كان الدين واحدا ... لأن أوامر أصحاب النواميس ونواهيهم مماثلة لأمر الطبيب الرفيق الشفيق فيما أمر العليل من الحمية ... وفيما يرى ويأمر له. فمن أجل هذا اختلفت شرائع الأنبياء ... لأنهم أطباء النفوس ومنجموها ... فقد تعرض للنفوس من أهل كل زمان أمراض وأعلال مختلفة من الأخلاق الرديئة والعادات الجائرة والآراء الفاسدة من الجهالات المتراكمة، كما يعرض للأجساد من الأمراض والأعلال من تغييرات الزمان والأهوية والأغذية، فبحسب ذلك يجب أن يكون اختلاف علاجات الأطباء ومداواتهم.
فهكذا شرائع الأنبياء واختلاف سننهم بحسب أهل كل زمان وما يليق بهم أمة أمة، وقرنا قرنا، مثل شريعة نوح، عليه السلام، في زمانه، وشريعة إبراهيم، عليه السلام، بعده في زمان آخر وقوم آخرين، وشريعة موسى ... وشريعة المسيح ... وشريعة سيد الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام ... فهؤلاء كلهم دينهم واحد وإن كانت شرائعهم مختلفة» (42: 3، 486).
فطريق الخلاص مفتوح أمام جميع الأديان وليس حكرا على المسلمين وحدهم، والإخوان عندما يذكرون العابدين التائبين، لا يشيرون إلى المساجد وحدها كأماكن للعبادة ، وإنما يشيرون إلى الهياكل والمساجد والبيع، أي إلى أماكن العبادة لدى جميع الأديان. ومن ذلك قولهم الذي اقتبسناه في موضع سابق: «إن أحق النفوس الإنسانية أن تنتقل إلى رتبة الملائكة، هي النفوس المتعوبة في التعبد، المنقادة لأحكام الشريعة، الخادمة في الهياكل والمساجد والبيع، والصلوات والصوم والقرابين والدعاء والتأله، كما ذكر الله تعالى بقوله:
إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر ... .»
Unknown page