Tarikh Wa Wasf Jamic Tuluni
تاريخ ووصف الجامع الطولوني
Genres
وتقدم أحمد بن طولون إلى أصحابه وغلمانه وأتباعه أن يختطوا لأنفسهم حوله فاختطوا، واقتطع كل واحد قطيعة ابتنى بها، فكانت للنوبة قطيعة مفردة تعرف بهم، وللروم قطيعة مفردة تعرف بهم، وبنى القواد في مواضع متفرقة، فعرف ذلك المكان بالقطائع، وعمر عمارة حسنة، وتفرقت فيه السكك والأزقة، وبنيت فيه الطواحين والحمامات والأفران، وسميت أسواقها فقيل سوق العيارين، وكان يجمع العطارين والبزازين، وسوق الفاميين، ويجمع الجزارين والبقالين والشوايين، فكان في دكاكين الفاميين جميع ما في دكاكين نظرائهم في الفسطاط وأكثر وأحسن، وسوق الطباخين، ويجمع الصيارف والخبازين والحلوانيين، ولكل من الباعة سوق حسن عامر، وامتدت هذه المباني إلى العسكر والفسطاط، حتى أصبحت المدن الثلاث بلدا واحدا عامرا لاتصال مبانيها ببعضها، وكانت القطائع تمتد غربي القلعة، يحدها من الشمال خط ينطبق عليه شارع الصليبة، ومن الغرب نواحي المشهد الزينبي، ومن الجنوب العسكر.
13
ويومئذ أهملت دار الإمارة التي ابتناها صالح بن علي بالعسكر،
14
واستقر الأمر على ذلك بعد ابن طولون أيام ابنه خمارويه وولديه: حسن وهارون، وزادت العمارة بالقطائع في أيامهما، وكثرت الناس فيها حتى قتل هارون بن خمارويه بعد قتل أبيه وأخيه، وسار محمد بن سليمان الكاتب بالعساكر من العراق من قبل المكتفي بالله ووصل إلى مصر في سنة 292ه/905م، وقد ولى الطولونية عليهم شيبان بن أحمد بن طولون، فتسلم محمد بن سليمان البلد منه، وهدم القصر وقلع أساسه، وبيعت أنقاضه وخرب موضعه، حتى لم يبق له أثر.
15
وبقيت القطائع عامرة إلى أن وقعت الشدة العظمى
16
زمن الخليفة المستنصر في القرن الخامس الهجري، فخربت هي والعسكر وظاهر مصر مما يلي القرافة، ثم نقل ما في هذه الأماكن من الأنقاض وصارت فضاء وكيمانا فيما بين مصر والقاهرة، وفيما بين مصر والقرافة («خطط المقريزي»، أول، ص305)، وقد كان الاضمحلال بدأ فيها منذ أنشئت القاهرة.
وكل معلوماتنا الآن عن القصر والميدان والقطائع مستمدة مما كتبه المؤرخون؛ إذ لم يتخلف من آثار ذلك العهد غير الجامع الطولوني.
Unknown page