Tarikh Umma Casr Ittisaq
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
Genres
30
وقد اتخذ عبد الملك في دمشق، والحجاج في العراق دار ضرب، جمعا فيها الطباعين لطبع التبر والفضة والزيوف.
31
وقال السيوطي: أول من ضرب الدنانير والدراهم في الإسلام عبد الملك، ونقش اسمه عليها سنة 75، أخرجه ابن سعد، وهو أول من عمل الموازين. ونقل عن ابن سعد قال: فلما كانت مثاقيل التي ضرب عليها عبد الملك اثنين وعشرين قيراطا، الأصبة بالشامي، وكانت العشرة وزن سبعة. ونقل عن مرآة الزمان أنه نقش عليها في وجه «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وفي الآخر أرخ وقت ضربها، وقيل: جعل في وجه
قل هو الله أحد ، وفي الآخر «محمد رسول الله»، وزاد الحجاج: أرسله بالهدى ودين الحق.
32
قلت ويظهر أن هناك محاولات فردية كانت لمصعب بن الزبير، فقد رووا أنه ضرب دراهم ودنانير كما كان في العراق ، كما رووا أن زياد ابن أبيه هو أول من فعل ذلك. (2)
تمصير واسط: في سنة 83 بنى الحجاج مدينة واسط؛ وسبب ذلك أن بعض جنوده الشاميين سكر، وتعدى على بعض البيوت في الكوفة، فقتله صاحب البيت، وأهدر الحجاج دمه لما علم من زوجة صاحب البيت أنه أراد بها سوءا، ثم أمر مناديه ينادي: ألا ينزلن أحد على أحد، وأخرج الجند الشاميين، فبعث لهم روادا يرتادون فاختاروا موضع واسط، فاختط الحجاج مدينة هناك. (6) خاتمته ومناقبه
في منتصف شوال سنة 86 مات عبد الملك وله ستون سنة، وقيل ثمان وخمسون، وكانت خلافته من لدن قتل الزبير ثلاث عشرة سنة وأربعة أشهر إلا أسبوعا، ولما اشتد مرضه قال الطبيب: إنه شرب الماء فاشتد عطشه، وطلب الماء فمات لما شربه. وقد أوصى بنيه قبل موته بقوله: «أوصيكم بتقوى الله، فإنها أزين حلية وأحصن كهف. ليعطف الكبير على الصغير، وليعرف الصغير حق الكبير، وانظروا مسلمة فاصدروا عن رأيه، فإنه نابكم الذي عنه تفترون، ومجنكم الذي عنه ترمون، وكونوا بني أم بررة، لا تدب بينكم العقارب، وكونوا في الحرب أحرارا فإن القتال لا يقرب منية، وكونوا للمعروف منارا، فإن المعروف يبقى أجره وذكره، وضعوا المعروف عند ذوي الإحسان فإنهم أصون له، وأشكر لما يؤتى إليهم منه، وتعهدوا ذنوب أهل الذنوب، فإن استقالوا فأقيلوا، وإن عادوا فانتقموا، ثم التفت إلى الوليد فقال له: لا ألفينك إذا مت تعصر عينيك وتحن حنين الأمة، ولكن شمر واتزر والبس جلد نمر، ودلني في حفرتي وخلني وشأني، وعلك وشأنك، ثم ادع الناس إلى البيعة، فمن قال برأسه كذا (أي لا) فقل بالسيف (أي اضرب عنقه).
ولما مات دفن خارج باب الجابية، وصلى عليه الوليد، وله من الأولاد: الوليد، وسليمان، ومروان الأكبر، وعائشة، وأمهم ولادة بنت العباس العبسية، ويزيد، ومروان، ومعاوية، وأم كلثوم، وأمهم عاتكة بنت يزيد بن معاوية، وهشام وأمه أم هشام بنت إسماعيل بن هشام بن الوليد واسمها عائشة، وأبو بكر بكار وأمه عائشة بنت موسى بن طلحة، والحكم وأمه أم أيوب بنت عمرو بن عثمان، وفاطمة وأمها أم المغيرة بنت خالد بن العاص، وعبد الملك ومسلمة والمنذر وعنبسة ومحمد وسعيد الخير والحجاج لأمهات أولاد.
Unknown page