Tarikh Umma Casr Ittisaq
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
Genres
والحق أن عملية عبد الملك في سك العملة عملية جريئة ومفيدة؛ فقد كان العالم المتمدن القديم يكبر العملة الذهبية البيزنطية، وينظر إليها وكأنها شيء مقدس ذو سلطان لا يقاس به سلطان آخر، أما الفرس فكان لهم أن يسكوا العملة الفضية فقط. نقل البروفسور ميتز عن الرحالة الهندي
Casmas
في منتصف القرن السادس الميلادي خبر مناظرة جرت في مجلس ملك سرنديب بين تاجر رومي وآخر فارسي، أراد كل منهما أن يثبت أن ملك بلاده أقوى، وغلب التاجر الرومي صاحبه آخر الأمر ، وذلك بأن أخرج قطعة ذهبية من العملة البيزنطية التي يتعامل بها في جميع البلاد، على حين أن الفارسي لم يستطع أن يخرج إلا عملة من الفضة. ثم يعلق على هذه الحكاية بقوله: من الصحيح في هذه الحكاية أنه كان بين البيزنطيين وبين الدولة الساسانية معاهدة خاصة بالعملة، تقضي بأن يضرب الساسانيون نقودا من الفضة فقط، ويتخذوا العملة الذهبية عملة لهم؛ ولهذا شاع في بلاد الإسلام التي كانت تحت حكم الرومان من قبل العملة الذهبية، على حين أن بلاد الفرس كانت عملتها الجارية الدراهم الفضية.
31
وهذا يدلنا على المكانة السامية التي كانت للدينار الذهبي الرومي، فإقدام عبد الملك على امتهان ذلك الدينار وسك عملة ذهبية جديدة، هو إقدام لا يجرؤ عليه إلا من كان عنده حزم عبد الملك وسلطان كسلطانه.
ويختلف المؤرخون في السنة التي بدأ عبد الملك فيها بسك العملة بين سنة 74 وسنة 75 وسنة 76.
32
ولكن الباحث الفرنسي
Lavoix
قد توصل بمقارنة المصادر العربية والبيزنطية وفهارس مجموعات النقود إلى أن إصلاح عبد الملك بدأ حوالي سنة 73 و74ه، وأن ضرب النقود على أشكالها القديمة قد استمر بعد ذلك لمدة سنوات أخرى.
Unknown page