Tarikh Umma Casr Intilaq
عصر الانطلاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثاني)
Genres
صلى الله عليه وسلم
قال: «إذا كان الوباء بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه، وإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليها.» وهذا أدب اجتماعي كبير؛ فإن الخروج من البلد الموبوء فيه نقل للوباء إلى المناطق السليمة، وفيه إهمال للعناية بأمر المرضى بالمدينة وإصلاح أحوالهم، وأما عدم الدخول إليها فلئلا يلقي الإنسان بنفسه في التهلكة. وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه لما خرج إلى الشام وعلم أن فيها وباء رجع بعد أن حمد الله على سلامته منه. وقال أبو الحسن بن طرخان الحموي: إن النبي
صلى الله عليه وسلم
كان يديم التطبب في حال صحته ومرضه؛ أما في صحته فباستعمال التدابير الحافظة لها من الرياضة، وقلة المتناول، وأكله الرطب بالقثاء، والرطب بالبطيخ، ويقول: «يدفع حر هذا برد هذا، وبرد هذا حر هذا.» وإكحال عينيه بالإثمد كل ليلة عند النوم، وتأخير صلاة الظهر في زمن الحر القوي، ويقول: «أبردوا بها.» وأما تداويه في حال مرضه، فثابت بما روي من ذلك في الأخبار الصحيحة؛ فمنها ما رواه عروة عن عائشة قالت: إن رسول الله كثرت أسقامه، وكان يقدم عليه أطباء العرب والعجم فيصفون له فنعالجه، ومنها يسقى آخر عمره أو في آخر عمره، وكانت تقدم عليه وفود العرب من كل وجه، فتنعت له الأنعات، فكنت أعالجه بها.
119
وكان الرسول يخرج معه إلى الغزو والجهاد الممرضات، وكان يجعل لهن خياما يمرضن فيها من يجرح أو يصاب في الله. ومن هؤلاء الممرضات رفيدة بنت سعيد الأسلمية الأنصارية وأختها كعيبة؛
120
ففي صحيح مسلم عن عائشة: أن سعد بن معاذ أصيب يوم الخندق، رماه رجل من قريش، فضرب له
صلى الله عليه وسلم
خيمة في المسجد يعوده من قريب. وفي سيرة ابن إسحق: كان رسول الله قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من أسلم يقال لها رفيدة في مسجده - عليه السلام - كانت تداوي الجرحى، وتحبس نفسها على خدمة من كان فيه ضيعة - أي مرض - من المسلمين.
Unknown page