Tarikh Umma Casr Inhilal
عصر الانحلال: تاريخ الأمة العربية (الجزء السادس)
Genres
11
وغيرهما، وقد كانت هذه الجوامع تحتوي آلاف الكتب، ولا بأس أن نقف ها هنا وقفة لنقارن بين دور الكتب في الجامع الإسلامي في القرن الثامن للميلاد، وبين خزانة الكتب في الكتدرائية الغربية في أوروبة؛ فقد روى المستشرق متز أنه كان في مكتبة الكاتدرائية بمدينة «كنستانزا» في القرن التاسع «356» كتابا، وفي مكتبة دير «البندكتين » سنة 1032م ما يزيد على «100» كتاب بقليل، وفي خزانة كتب الكاتدرائية في مدينة «بامبرخ» سنة 1130ه «96» كتابا فقط.
12
أما في العهد الذي نؤرخه فقد كثرت خزائن الكتب كثرة مدهشة في الجوامع والمدارس والزوايا والربط والبيوت، ويروى أن شرف الملك أبا سعيد محمد بن منصور الخوارزمي بنى خزانة كتب في مدرسة أبي حنيفة سنة 459ه وكانت تحتوي على كتب كثيرة من آثار الجاحظ، وأن الخليفة الناصر نقل إلى المدرسة النظامية سنة 589ه قسما من خزانة كتبه ووضعها تحت تصرف الطلاب، كما أن المؤرخين ابن الساعي وابن النجار وقفا كتبهما على هذه المدرسة.
ولم تكن هذه الحركات الثقافية خاصة بدولة السلاجقة؛ فإن الدول الأخرى كالخوارزمية والأتابكية كانت كثيرة العناية بالنواحي الثقافية، على الرغم من انشغالها بالحروب، وقد نبغ تحت رعاية هاتين الدولتين جمهرة من الأدباء والعلماء والشعراء، نذكر منهم: زين الدين أبا إبراهيم إسماعيل بن حسن الجرجاني الذي قصد خوارزم سنة 504ه/1110م إثر الدعوة الكريمة التي وجهها إليه قطب الدين خوارزمشاه، وظل هناك إلى أن مات، ومن آثاره كتاب «ذخيرة خوارزمشاه» وهو من كتب الطب والسموم. ومنهم رشيد الدين محمد عبد الجليل البلخي المعروف بالوطواط الأديب الكاتب باللغتين، وقد خدم الخوارزميين أيام أتسز خوارزمشاه سنة 521، وكان يؤلف القصائد والرسائل في هجو السلاجقة خصوم الخوارزمية، كما كان أوحد الدين محمد الأنوري العالم الفلكي والشاعر الأديب، يرد على هذه القصائد والرسائل ويكيل المدح للسلطان سنجر السلجوقي ويهجو أتسز.
وفي عهد علاء الدين خوارزمشاه سنة 596-617ه نبغ جمهرة من العلماء والأدباء، نذكر منهم: محمد بن قبيس مؤلف «المعجم في معايير أشعار العجم» كتبه بالعربية، ثم ترجمه إلى الفارسية، وكان ابن قبيس من أهالي الري، وقد خدم الدولة الخوارزمية، ثم انتقل إلى خدمة الأتابك سعد بن زنكي سنة 632ه/1225م، ثم إلى ابنه أبي بكر من بعده،
13
ثم في عهد جلال الدين منكوبرتي اللذين كانا يشجعان العلم وأهله، على الرغم من اضطراب الوضع السياسي.
ومن هؤلاء العلماء نصرة الدين حمزة بن محمد العالم الأديب الذي ارتقى إلى ولاية تسا، وأسرة الجويني التي نبغ منها بهاء الدين متولي الإدارة المالية في عهد مانجوخان، وعلاء الدين بن بهاء الدين المعروف بعطا ملك، الكاتب العالم الأديب المؤرخ المشهور مؤلف «جهان كشا»، وشمس الدين بن بهاء الدين، وكلهم عالم أديب ومؤرخ أريب.
14
Unknown page