Tarikh Umma Casr Inhidar
عصر الانحدار: تاريخ الأمة العربية (الجزء السابع)
Genres
7
وفي سنة 958ه وقعت فتنة بين أبي نمي وبين أمير الحج العثماني محمود باشا، فقد سولت نفس الباشا له أن يقبض على أبي نمي لما رآه من نفوذه، ولكن أبا نمي تغلب عليه، ووقعت كارثة كبيرة، وكاد الأعراب أن يفتكوا بالحجيج، ولكن أبا نمي تدارك ذلك بالحكمة، وبلغت هذه الأخبار إلى الباب العالي في إستانبول فكتب السلطان إلى أبي نمي معتذرا عما فعل الباشا، وفي سنة 974ه طلب أبو نمي إعفاءه من الولاية لكبر سنه ولرغبته في الانقطاع للعبادة، فقبل السلطان طلبه وجعل الشريف حسنا مستقلا بالأمر في مكة وجدة والمدينة وينبع وخيبر وسائر مدن الحجاز ونجد.
وفي سنة 993ه مات أبو نمي، وقد دامت ولايته على الحجاز استقلالا ومشاركة اثنين وسبعين سنة وهي أطول مدة حكمها حاكم في الحجاز،
8
وقد سار ابنه الشريف الحسن بالبلاد سيرة حسنة، وفي سنة 1010ه توجه لإخماد ثورة في نجد فمات هناك، وتولى الولاية من بعده ابنه الشريف أبو طالب، وكان فتى شجاعا حازما طهر البلاد من المفسدين، وضرب على أيدي الأعراب وأهل الفتن، وظل في الولاية إلى أن مات سنة 1012ه.
فتولى من بعده أخوه الشريف إدريس أبو عون، وكان شجاعا فاتحا، امتدت فتوحه إلى أقصى شرق الجزيرة حتى بلغت الأحساء، وفي سنة 1034ه اجتمع بعض الأشراف والعلماء والفقهاء في الحجاز، وتدارسوا الأوضاع ورأوا أن الشريف إدريس لم يعد صالحا للبقاء في الولاية فطلبوا إليه أن يعتزل ويولي ابن أخيه الشريف محسنا، وكتبوا بذلك إلى الباب العالي فأقرهم على ذلك،
9
ثم وقعت فتنة بين الأشراف فانقسموا فريقين، واضطر الشريف محسن أن يفر إلى اليمن حيث لاقى حتفه في سنة 1038ه وتولى الأمر من بعده الشريف أحمد بن عبد المطلب بن الحسن، وفتك بكثير من جماعة الشريف محسن ومنهم المفتي الشيخ عبد الرحمن بن عيسى المرشدي، وساءت سيرة أحمد بالناس، وضاقوا به ذرعا، ولما قدم «قانصوه» باشا قاصدا اليمن بلغته أخباره فعمد إلى الحجاز وقتل أحمد في سنة 1039ه وعمل على توطيد الأمن فيها وتولية الشريف مسعود بن إدريس مكانه، وكان جوادا كريما حسن التدبير، ولكنه لم يلبث طويلا حتى مات في سنة 1040ه فتولى بعده الشريف عبد الله بن حسن بن أبي نمي، جد الأشراف المعروفين بآل عون، وقد أجمع الأشراف على ولايته فأقرتهم دار الخلافة على ذلك،
10
ولكنه لم يلبث أن خلع نفسه في سنة 1041ه تعففا وديانة، ونزل عن الولاية لولده محمد، فلم يلبث محمد أن مات، فقام ابنه محمد بأعباء الولاية خير قيام.
Unknown page