Tarikh Umma Casr Inbithaq
عصر الانبثاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الأول)
Genres
وحجة معارضي رأي كلاسر أن الكتابة المعينية كانت ذات ألفباء وهي المعروفة بألفباء المسند، وقد اتفق العلماء على أن الألف باء الفينيقية أو ألفباء رأس الشمرة لا يتجاوز تاريخها القرن الثاني عشر قبل الميلاد، فكيف يمكن جعل ألفباء المسند أقدم من الألفباء الفينيقية؟ فلا بد إذن من القول إنها قد ظهرت في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد، أما قبل ذلك التاريخ فلا يعقل، وهو قول مقبول في رأينا.
وإن أقدم منطقة قامت فيها هذه الحضارة المعينية هي منطقة الجوف التي تقع فيها معظم خرائب المعينيين، وأطلال مدنهم، مثل: «معين» و«براقش» و«قرن» و«نشق» وغيرها.
4
وقد ظلت أخبار هذه الحضارة مجهولة أو كالمجهولة حتى زار ديارها العلماء الآثاريون والنقابون الأوروبيون في القرن الماضي، وفي طليعتهم المستشرق الفرنسي آرنود
Arnaud
الذي زار اليمن، وجمع عدة نقوش من منطقة سبأ في عام 1843، ثم جاء من بعده المستشرق الفرنسي جوزيف هاليفي الذي استطاع أن يدخل اليمن في سنة 1869م ويقوم برحلته المشهورة الهامة، فدخل مناطق الجوف ونجران وسبأ بتكليف من الأكاديمية الفرنسية، واستطاع أن يجمع في زيارته هذه ستمائة وخمسة وثمانين نقشا أثريا من النقوش العربية الجنوبية المكتوبة بالقلم المسند، وكانت رحلته تلك من أعظم الرحلات العلمية؛ لأنه اكتشف في تلك النصوص كثيرا من آثار المدن وأسماء الملوك، وعادات البلاد، وعبادات السكان ... وغير ذلك.
وفي سنة 1882 ذهب إلى اليمن العلامة النمسوي كلاسر، فزار سبأ وظفار، وتوغل في اليمن بمساعدة الحكومة العثمانية، وظل إلى سنة 1892، وجمع نقوشا عديدة صححت بعض أخطاء هاليفي.
ولم تجر بحوث صحيحة، ولا رحلات اكتشاف علمية، بعد هذا التاريخ إلا في سنة 1942، ثم في سنة 1945 حينما زار اليمن العالم المصري محمد توفيق؛ فإنه زارها موفدا من جامعة فؤاد الأول بمصر - جامعة القاهرة اليوم - ودخل بلاد الجوف، فكان أول عالم وصفها وصفا علميا دقيقا، وأعطانا معلومات عن أطلالها وآثارها.
5
والمصادر العربية القديمة تكاد تجهل هذه الدولة وأخبارها، أما المؤرخون والجغرافيون اليونان فقد ذكروا بعض المعلومات الهامة، مثل: سترابون وبلينوس وسربيلوس وبطليموس وديودوروس،
Unknown page